33
[الرّابع: الرّجوع إلى الكفاية]
الرّابع: الرّجوع إلى الكفاية، و هو التمكّن بالفعل أو بالقوّة من إعاشة نفسه و عائلته بعد الرّجوع، و بعبارة واضحة: يلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه و عائلته من العوز و الفقر بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحجّ، و عليه فلا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ و كان ذلك وسيلة لإعاشته و إعاشة عائلته، مع العلم بأنّه لا يتمكّن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه (1) .
و القرب من جهة الغلبة، فإنّ الأكثر مسافة يستدعي أكثر اُجرة و قيمة، كما أنّ الأقل مسافة يستدعي أقل نفقة و أُجرة غالباً، و ربّما يعكس الأمر فقد يكون أقرب مسافة يحتاج إلى الأكثر اُجرة و قيمة، و الأكثر مسافة يستدعي أقل نفقة كالعود إلى العراق بطريق البر، و العود إلى الشام من طريق الجو الّذي هو أقل مسافة و لكنّه أكثر اُجرة فالعبرة في الحقيقة بالأقل و الأكثر نفقة، فالأحسن أن يفصّل بنحو آخر ذكره سيِّدنا الأُستاذ (ذمّ ظله) في الشرح على العروة 1.
و حاصله: أنّه قد يفرض عدم تمكّنه من العود إلى بلده و لكن لا بدّ له من أن يذهب إلى بلد آخر، فحينئذ يعتبر وجود نفقة الذهاب إلى ذلك البلد و إن كان أبعد لأنّ الرّجوع إلى وطنه كالعراق غير ممكن له، و بقاؤه في مكّة حرجي عليه، و المفروض لزوم الذهاب إلى بلد آخر، فيعتبر وجود نفقة الذهاب إلى ذلك البلد.
و قد يفرض أنّه يريد الذهاب إلى بلد آخر لرغبته الشخصيّة، فلا عبرة في نفقة الذهاب إلى ذلك البلد بالقرب و البعد، بل العبرة حينئذ بكثرة القيمة و قلّتها، فإن كان الذهاب إلى ذلك البلد الّذي يريد البقاء فيه اختياراً يستدعي الصرف أكثر من العود إلى وطنه و إن كان أقل مسافة، فالعبرة بمقدار نفقة العود إلى وطنه، و إن كان الذهاب إليه يحتاج إلى الأقل أُجرة فالعبرة بذلك و إن كان أبعد مسافة كالمثال المتقدّم.
و عمدة ما يدل على اعتبار ذلك إنّما هي قاعدة نفي العسر و الحرج، و أمّا الأخبار الّتي استدلّ بها على ذلك فكلّها ضعيفة إلّا خبر أبي الربيع الشامي، قال: