29
أنه يظهر من الرواية أن الطفل كان في جماعة و فيهم أبوه، و من الواضح أن الأب حينئذ يتكفل شؤون الطفل، و يقوم بأمره و إحجاجه و نحو ذلك، فطبعاً تكون كفّارة الصيد عليه لأنه قائم بأمره، فلا وجه لما حكي عن العلامة من أنها تجب في مال الصبي، لأنه اجتهاد في مقابل النص.
و دعوى أن الكفّارة ثابتة في مال الطفل، لأن ذلك من قبيل الإتلاف و الضمانات كما إذا أتلف الصبي مالاً، فإنه يضمن و يثبت على ذمته، إذ لا مانع من ثبوت الحكم الوضعي بالنسبة إلى الصبي كما عن العلّامة، لا تخلو من الغرابة، لأنّ ثبوت الكفّارات ليس من باب الضمان، بل هو حكم تكليفي ثابت في مورده و لا موجب لثبوت ذلك على الطفل سواء كانت هناك رواية أم لا، مضافاً إلى النص الصريح الدال على أنها على أبيه، و لعله (قدس سره) لم يطّلع على الرواية.
كما لا وجه لما عن ابن إدريس (قدس سره) من عدم ثبوت الكفّارة أصلاً لا على الطفل و لا على وليّه، بعد ما دلّت الصحيحة على أنها على أبيه، فلا ينبغي الريب بالنسبة إلى كفّارة الصيد و أنها على الولي.
و أمّا الثاني: و هو بقيّة الكفّارات، كما إذا لبس المخيط اختياراً أو استظلّ و نحو ذلك، فالظاهر عدم وجوبها على الولي، لأنه بلا موجب، و النص المتقدِّم الدال على أنها على أبيه خاص بكفّارة الصيد، فلا يقاس غيره به، بل هو قياس مع الفارق، لأن الصيد له أهمية بخلاف بقية الكفّارات، كما لا تجب على الصبي نفسه، لا لأن عمد الصبي و خطأه واحد، لأنّ هذه الجملة أجنبية عن أمثال المقام، و إنما تختص بباب الديات و الجنايات، و توضيح ذلك: أن هذه الجملة وردت في روايتين:
الأُولى: صحيحة محمّد بن مسلم «عمد الصبي و خطؤه واحد» 1.
الثانية: معتبرة إسحاق بن عمار «عمد الصبيان خطأ تحمله (يحمل على) العاقلة» 2و الرواية الثانية قرينة على أن الرواية الأُولى ناظرة إلى باب الديات و الجنايات