15
أقول:
إذا كان هذا مبلغ علم إمام المسجد الحرام وخطيبه، فما ظنّكم بحال من هم تحت منبره؟ ! ! !
وما نسبه إلى الإمامية من أعظم التهم الّتي سمعت بها أُذن الدنيا بالنسبة إلى أُمّة يعبدون الله سبحانه وحده، ويؤمنون بأنبيائه وعلى رأسهم النبي الخاتم صلى الله عليه وآله، وكتابه وشريعته وسننه، كما يؤمنون بأمانة أمين الوحي جبرئيل الّذي يصفه سبحانه بقوله: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ .
وقوله: مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ .
والشيعة يتلون كتاب الله آناء الليل والنهار، ومع ذلك كيف يصفون الأمين بالخيانة؟ !
فهلمّ معي لنوقفك على مصدر التهمة، وهو رواية منقولة عن الشَّعبي (المتوفّى 103 ه-) ، جاء فيها: (واليهود تبغض جبرئيل وتقول: هو عدوّنا من الملائكة، وكذلك الرافضة تقول: غلط جبريل في الوحي إلى محمد بترك علي بن أبي طالب) .
والرواية المنقولة عن الشعبي من السخافة بمكان، لأُمور منها:
1. أنّ الشعبيّ يسمّي الشيعة بالرافضة، وهذا اللقب الّذي نُبز به الشيعة، ذكر مؤرّخو السنّة أنّه عُرف عند قيام زيد بثورته ضد الحكم الأُموي عام (122 ه-) أي بعد وفاة الشعبي بنحو (19) عاماً، فإمّا أن يكون هذا اللقب قد ورد قبل هذا، وهو ما لا تقول به رواياتهم، أو أنّ الرواية مخترعة، وهو الأصحّ.
2. قد وقع في سند هذه الرواية: عبدالرحمن بن مالك بن مِغْول، وهو مجروح عند نقّاد السنّة. قال أحمد والدارقطني: متروك. وقال أبو داود: كذّاب. وقال مرة: يضع الحديث. وقال النسائي وغيره. ليس بثقة.
وقد شاء الله تعالى أن يفتضح هذا الكذّاب، فقد روى زكريا بن يحيى الساجي بإسناده عنه، عن أبيه، عن الشعبي، قال: ائتني بزيديٍّ صغير أُخرج لك منه رافضياً كبيراً. . . !