85تحت عنوان ما وَلّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. . . 1.
وكانت السماء تواكب جهود رسول اللّٰه وتصديه، وتمدّه بما يحتاجه من قوة وعزم وثبات، وهو يقود حركة خطيرة جدّاً ضد مؤامرة خطيرة جدّاً يقودها أعداؤه من كلّ الأطراف، حتىٰ إنّها أربكت المجتمع المسلم وقتها، وراحت السماء تصور لنا واقع تلك الفترة والانقلاب الذي كاد أن ينخر أو يطيح بالواقع والمجتمع المسلم ووحدته وقدرته، وراحت أيضاً ترسل إجاباتها بقوة: . . . قل للّٰهالمشرق والمغرب يهدي مَنْ يشاء إلىٰ صراط مستقيم 2.
. . . وما جعلنا القبلةَ التي كنتَ عليها إلّالنعلمَ من يتبعُ الرسولَ ممّن ينقلبُ علىٰ عقبيه وإن كانت لكبيرةً إلّاعلى الذين هدى اللّٰهُ. . . 3.
. . . وإنّ الذين أُوتوا الكتابَ ليعلمونَ أنّه الحقّ من ربّهم. . . 4وتختم هذا الصراع آية اُخرىٰ بل نتيجة هذا الصراع والنقاش الحاد: ولئن أتيتَ (يا رسول اللّٰه) الذين أوتوا الكتابَ بكلّ آية ما تبِعوا قبلَتك وما أنت بتابعٍ قبلتَهم وما بعضُهم بتابعٍ قبلةَ بعض ولئن اتبعتَ أهواءَهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذاً لمن الظالمين 5.
الذين آتيناهم الكتابَ يعرفونه كما يعرفون أبناءَهم وإنّ فريقاً منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون 6على القول بأن الضمير في يعرفونه يعود الىٰ أمر القبلة أي يعرفون أمر القبلة حقّ وهو ما ورد عن ابن عباس 7.
مقالتنا هذه ابتعدت عن كلّ تلك التفاصيل؛ لتكتفي بالجانب الفقهي من موضوع القبلة، الذي يتجلّى في كلمة (شطر) وإن تطرقت قليلاً إلى الجانب اللغوي والجانب التفسيري فلضرورة البحث.
الشَّطْر لغةً: شطرُ الشيء: نصفه، وجمعه أشطر. وشاطره مالَه: إذا ناصفه، ومن ذلك قولهم: «شاطرتك مالي» ، فهو جزء الشيء ونصفه ومنه: «مَن أعان علىٰ مؤمن بشطر كلمة فعليه. .» . «السواك شطر الوضوء» للمبالغة في استعماله،