281أحيانا الىٰ قتل هؤلاء لهم، وإذا استثنينا هذه الحالة الشاذة، ومثلها ما كان من وأد البنات، فإن العربي كان يعامل أبناءه معاملة تنطوي على اللطف والحنان والمحبة 1مع حرصه على تربيتهم تربية خشنة، تؤدي بهم الىٰ استكمال أسباب القوة، ليكونوا درعاً حصيناً له ولقبيلته. وكان الآباء يتخيّرون لأبنائهم الأسماء التي تدل على الخشونة، أو توحي بالتفاؤل بالظفر على الأعداء مثل: كلب، أسد، فهر، صخر، غلاب، ضرار، حنظلة، حرب، بينما كانوا يتخيّرون لأرقائهم أسماء جميلة مثل: سهيل، ميسور، وهانىء، نجاح، فلاح ونحو ذلك.
كان الجاهليون يُفضلون من المواليد البنين على البنات، وقد دعاهم الىٰ ذلك عوامل عديدة، فالأولاد يصبحون في المستقبل محاربين، تعتمد عليهم القبيلة في الدفاع عن حوزتها، وفي الكسب، بينما تكون البنت عبئاً ثقيلاً تحتاج الىٰ حماية، أو قد تجلب العار الىٰ قبيلتها، فيما إذا تعرّضت للسبي. تقول الآية الكريمة: وإذا بُشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون 2.
وكذلك جاء في قوله تعالى: وإذا بُشّر أحدُهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظلّ وجهه مسوداً وهو كظيم أَوَ مَن يُنَشَّؤا في الحِلية وهو في الخصام غيرُ مبين. . 3وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قُتلت 4.
يتضح لنا من هذه الآيات أن العرب كانوا يفضلون البنين على البنات، وأنهم كانوا يئدون البنات، وقد لمس الباحثون أسباباً أخرى للوأد منها الإملاق كما في الآية: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم 5، وعدم القدرة على إعالة الأولاد، أو الحرص على صيانة العرض، وخشية أن يلحق القبيلة عار من السبي.
وعلى كلّ حال لم يكن الوأد شاملاً، بل اقتصر على بعض الأوساط المتردية مادياً واجتماعياً، ولا سيما في سني القحط والمجاعة، وفي البوادي القاحلة، ويروى