273المتعاديتين تأسرهم من الأخرى اثناء الحروب الكثيرة، التي كانت تجري بين الطرفين. كما كان العرب يعتبرون أبناء جواريهم، الذين لا يعترفون ببنونتهم رقيقاً لهم.
والرقيق أصناف يختلف ثمن العبد باختلافها، فهناك: الرقيق الأسود، وكان في منزلة غاية في الانحطاط بالنسبة للرقيق الأبيض، ذلك أن العرب كانوا يتعشّقون البياض ويحتقرون السواد، حتى ليطلقون على العبيد السود اسم (الاغربة) تشبيها لهم بطائر الغراب البغيض المشؤوم 1.
أمّا الرقيق الأبيض فهو ذو مكانة أعلىٰ وثمن أغلىٰ وهو من جنسيات مختلفة: فارسية أو بيزنطية أو من بعض الشعوب الأوربية.
وبالرغم من أن الرقيق قد اعتُبر كالآلة، يؤمر فيستجيب ويعمل، غير أن أثره كان عظيماً علىٰ أهل مكة من حيث كثرة أفراده إذْ ندر ما خلا دار من دور مكة من عبيد يقتنيهم رب الدار.
وقد استخدمهم مالكوهم، لما لهم من معرفة وخبرة ومهارة فنية، لا سيما الرقيق الأبيض في الحرف المختلفة، كأعمال البناء والتجارة والتعدين وغيرها، يشتغلون لحساب أسيادهم، كما استخدموهم كحرس لهم ومشرفين علىٰ إدارة مبيعاتهم، وقد روي أن عاملاً رومياً عمل في بناء الكعبة، في حياة الرسول قبل البعثة.
كما رسم بعض العمال المسيحيين صوراً للأنبياء والملائكة ومريم العذراء، وغير ذلك من قصص الوحي الديني على جدران الكعبة، حتى إذا فتح الرسولُ مكةَ طمسها مثلما حطم الأصنام، التي كانت هذه الصور قد أقحمت معها للزينة وربما تقديساً لها.
وكان لهؤلاء الأرقاء سهم في إدخال بعض الألفاظ الفارسية والإغريقية والحبشية الى اللغة العربية، منذ عهد ما قبل الإسلام، كما استخدموا في الترفيه من