100نفراً مواجهة الكعبة مثلاً، فبالابتعاد عنها يتمكن مئة نفر من مواجهتها، وهكذا كلما ابتعدنا عن الكعبة، كلما ازدادت مساحة مواجهتها واتسعت، ولكنه ليس اتساعاً دقيّاً رياضياً بل اتساعاً عرفيّاً تتسع فيها مساحة المواجهة أكثر من اتساعها في المواجهة الدقيّة الهندسية.
ومن & هنا جاءت العبارتان المشهورتان: (جهة المحاذاة مع البعد متسعة) (الجرم الصغير كلما ازداد بُعداً ازداد محاذاةً) وهذا كلّه لا يرد في المحاذاة الحقيقية.
إضافة الى هذا فإن المسائل الهندسية ليست لها مدخلية في القضايا الشرعية، التي منها مسألة القبلة بالذات التي تعود للعرف في تحديدها والاستفادة منه في صدقها، وليس للشرع مدخلية فيها. يقول صاحب الجواهر: «وكيفية استقبالها أمر عرفي لا مدخل للشرع فيه» 1ويقول السيد السبزواري: (فالاستقبال ليس من الأمور التعبدية ولا من الأمور الدقية، ولا من الموضوعات المستنبطة، ولا من الأمور المسامحية العرفية، بل هو عرفي دقيّ؛ لأنه المنساق من الأدلة. .) .
ويواصل كلامه: (والمراد به (الاستقبال) عرفاً بحيث يحكم العرف المتعارف أنه واقف نحو الكعبة، فيتحقق مفهوم الاستقبال حينئذ من دون تجوّز، سواء اتصل الخط الفرضي الخارج من جهة الى عين الكعبة أو لا، بل لو أمكن ذلك بغير عذر لا يجب؛ لصدق الاستقبال العرفي بدونه أيضاً، وهو يكفي بحسب الأدلة الشاملة للقريب والبعيد، وإرادة غير ذلك من الأدلة المنزلة على العرفيات تكلّف زائد بلا دليل عليه فيرجع فيه الى أصالة البراءة العقلية والنقلية) 2.
الثاني: المقصود من الجهة:
يقول الشهيد في الذكرى: المراد بالجهة: السمت الذي يظن كون الكعبة فيه لا مطلق الجهة. ومراده بالسمت هو ما يسامته المصلي ويحاذيه عند توجهه اليه.
بينما يقول المحقق الثاني: . . والذي ما زال يختلج بخاطري: أن جهة الكعبة هي المقدار الذي شأن البعيد أن يجوز على كلّ بعض منه أن يكون هو الكعبة، بحيث