48على اختلاف في الضوابط التي ذكروها، لا يقبلون هذه الدائرة الواسعة لمعرفة الصحابي، وإنما يضيقون الدائرة، فعلى سبيل المثال، بعضهم يقول: لا يعدُّ صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة، وهي: من طالت مجالسته أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه (ص) أو استشهد بين يديه. فأدخلوا بعض القيود وضيقوا من دائرة الصحابة، إلاَّ أنّ النظرية أو النتائج المترتبة لا فرق فيها.
و أشير إلى بعض الأعلام حتى يتضح بأنّ ما ذهبوا إليه من أقوال، ليست أقوالاً شاذة، كما يقول في الإصابة، فمن هؤلاء:
أنس بن مالك (ت92 ه-) ؛ جابر بن عبدالله (ت87 ه-) ؛ سعيد بن المسيب (ت94ه-) ؛ معاوية بن قرة المزني (ت113ه-) ؛ الواقدي (ت207ه-) ؛ يحيى بن معين (ت233ه-) ؛ أبوحاتم، العجلي (ت261ه-) ؛ أبو زرعة؛ الباقلاني؛ الماوردي؛ ابن عبد البر في بعض أقواله؛ المازري؛ والبغوي؛ وابن الجوزي؛ وابن العباد الحنبلي؛ واللكنهوي؛ وجملة من أعلام المسلمين، لا يوافقون على الضابط الذي ذكر على سعته الواسعة، نعم يختلفون فيما بينهم في القيود وفي الشروط التي يضعونها للصحابي.
ولذا قال ابن عبد البر في مقدمة كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب، عندما يأتي إلى ضابط معرفة الصحابي، وتحت عنوان: من هو الصحابي، يقول: الصحابي عند علماء الأصول. . . والصحابي عند علماء الحديث. . . . 1
وهذا يكشف عن أنه يوجد اختلاف في تعريف الصحابي، فمنهم من قال: هو من طالت مجالسته، ومنهم من قال: هو من ظهرت صحبته