24سنة الاستطاعة وجب عليه في السنة اللاحقة مباشرةً أيضاً، ولا يجوز تأخيره مرّةً أخرى إلى السنة التي تليها وهكذا؛ 1بل قد ادّعي في كلمات بعض الفقهاء الإجماع والاتفاق وأمثال ذلك عليه، وهو إجماع واضح المدركيّة لا يعتدّ به.
وذهب السيد السيستاني إلى أنّ وجوب الفورية عقليٌّ من باب الاحتياط لئلا يلزم الإخلال بالواجب، وليس شرعياً كما لعلّه المشهور، وبنى على ذلك أنه إذا لم يبادر إلى الحج من دون الوثوق بإتيانه بعد ذلك كان متجرّياً لو أمكنه، وأتى به بعد ذلك، أما لو لميوفّق فيكون مرتكباً للكبيرة. 2
وقد خالف في أصل هذا الحكم بعضٌ قليل، فمنعوا من التسويف والتهاون أو التأخير لغير عذر عقلائي ولم يُلزموا بالفورية، 3ونسب القول بالتراخي إلى الشيباني أو الشافعي، 4ونسب إلى سحنون إعطاء مهلة إلى بلوغ ستين سنة، وإلا فبنحو الفور؛ 5كما نسب التراخي - كما قيل - إلى الكثير من مالكية المغرب وبعض العراقيين، ونقلت كلمات مختلفة فيما نسب إلى كثير من فقهاء أهل السنّة المتقدّمين، 6فيما ذهب النووي إلى استحباب الفور وعدم الوجوب. 7
اتجاه القول بالفورية، الأدلّة والمناقشات
وبصرف النظر عن طبيعة الانقسام الفقهي في المسألة، فقد استدلّ على الفوريّة هنا بعدّة أدلّة أهمّها:
1- مرجعيّة حكم العقل بتفريغ الذمّة
الدليل الأول هنا هو ما ذكره غير واحدٍ من الاستناد لحكم العقل، حيث إنّ العقل قاضٍ - عندما تتحقّق شروط التكليف على العبد - بأن يفرّغ ذمّته بالإتيان بما أمره المولى به؛ بهدف الأمن من العقاب ودفعاً للضرر المحتمل، ومن