53
في هذه السنة تكاتب نفرٌ من أصحاب رسول الله(ص) وغيرهم بعضهم إلى بعض: أن أقدموا، فإنَّ الجهاد عندنا. وعظم الناس على عثمان، ونالوا منه أقبح ما نِيل من أحد، وليس أحد من الصّحابة ينهي ولايذبّ إلاّ نفر، منهم زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسّان بن ثابت 1.
وجاء في «تاريخ الإسلام» للذهبي:
« وكان أصحاب النّبيّ (ص) ،الذين خذلوه، كرهوا الفتنة، وظنُّوا أنَّ الأمر لا يبلغ قتله، فلمّا قُتل، ندموا على ما ضيَّعوه في أمره »
2
.
وقد كانت عائشة ابنة أبي بكر في مقدِّمة المحرِّضين على عثمان؛ فكانت تارة تتَّهمه بالكفر، وتحثّ على قتله. فقد أخرج الطّبري في تاريخه، بسنده إلى أسد بن عبد الله، قال:
عمَّن أدرك من أهل العلم: إنَّ عائشة لمّا انتهت إلى سَرِف، راجعة في طريقها إلى مكة، لقيها عبد ابن أُمّ كلاّب، وهو عبد ابن أبيسلمة، يُنسَب إلى أُمّه، فقالت له: مَهْيَم؟ قال: قتلوا عثمان فمكثوا ثمانياً. قالت: ثُمَّ صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب. فقالت: والله ليت أنَّ هذه انطبقت على هذه إن تمَّ الأمر لصاحبك. ردّوني.. ردّوني. فانصرفت إلى مكّة وهي تقول: قُتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبنَّ بدمه. فقال لها ابن أُمّ كلاّب: ولمَ؟! فوالله إنَّ أوّل مَن أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، قالت: إنَّهم استتابوه ثُمَّ قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل. فقال لها ابن أمّ كلاّب:
منكِ البداء ومنكِ الغير