52
فالوصي أعذر.
ولِي بموسى (ع) أُسوة، إذ قال:
( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ ) (الشعراء:21).
فإن قلتم إنَّ موسى فرَّ من قومه بلا خوف كان له منهم، فقد كفرتم، وإن قلتم إنَّ موسى خاف منهم، فالوصيّ أعذر.
ولِي بأخي هارون (ع) أسوة، إذ قال لأخيه:
اِبْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كٰادُوا يَقْتُلُونَنِي (الاعراف:150).
فإن قلتم لم يستضعفوه ولم يشرفوا على قتله، فقد كفرتم، وإن قلتم استضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم، فالوصيّ أعذر.
ولِي بمحمّد (ص) أُسوة حين فرَّ من قومه ولحق بالغار من خوفهم، وأنامَني على فراشه. فإن قلتم فرَّ من قومه لغير خوف منهم، فقد كفرتم، وإن قلتم خافهم وأنامَني على فراشه ولحق هو بالغار من خوفهم، فالوصيّ أعذر 1.
ب. تَبعات خلافة عثمان
جاءت خلافة أمير المؤمنين (ع) إثر انقضاء خلافة عثمان، الّتي خلّفت تركة ثقيلة من المشاكل والفتن الّتي سبّبتها سياساته الخاطئة وسوء إدارته، لا سيّما الماديّة الّتي أثارت سخط الأُمّة على دار الخلافة، وأجَّجت الوضع على حكومته، حتّى انتهى الأمر إلى مقتله.
فقد جاء في تاريخ الطّبري عن عبد الرحمن بن يسار، قال:
لمَّا رأى النّاس ما صنع عثمان، كتب مَن بالمدينة من أصحاب النّبيّ(ص) إلى مَن بالآفاق منهم، وكانوا قد تفرَّقوا في الثغور: إنَّكم إنَّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزّ وجلّ، تطلبون دين محمّد(ص ). فإنَّ دين محمّد قد أُفسد من خلفكم وتُرك، فهلمُّوا فأقيموا دين محمّد(ص ). فأقبلوا من كلّ أُفق حتّى قتلوه 2.
وذكر ابن الأثير في تاريخه في أحداث سنة (34ه)، قال: