5
المُقدِّمَة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمّد وآله الطّيبين المعصومين. وبعد..
إنَّ وجود الخلاف والاختلاف والتباين بين النّاس، حقيقة لا يمكن إنكارها أو التنصّل منها؛ فقد رافقت هذه السِمة المجتمعات البشرية منذ وجودها على وجه الأرض، ولم تأتِ بِعثة الأنبياء والرّسل عليهم السلام ، وإنزال الكتب والرّسالات، إلاّ للحدِّ من هذه الخلافات بين الأُمم، وبيان ما اختلفوا فيه؛ (كٰانَ النّٰاسُ أُمَّةً وٰاحِدَةً فَبَعَثَ اللّٰهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتٰابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) (البقره: 213).
لكن رغم ذلك، فقد اختلف أصحاب الدِّيانات والكتب السّماوية أنفسهم، من بعد ما جاءهم العلم، بَغياً بينهم، فحرَّفوا وبدَّلوا، وتفرَّقوا وكانوا شِيَعَاً (وَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مٰا جٰاءَتْهُمُ الْبَيِّنٰاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) (البقره:213).
ولم تكن الأُمّة الإسلاميّة خارجة عن هذه السُنَّة التّاريخية (لتتبعنّ سُنَن الذّين من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتّى لو دخلوا في جحر ضَبٍّ لاتَّبعتموهم) 1.