51
يُحِبُّ الْكٰافِرِينَ) (آلعمران: 32)، وقوله تعالى: (لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كٰانَ يَرْجُوا اللّٰهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللّٰهَ كَثِيراً) (الأحزاب: 21)، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة النازلة في هذا الشأن.
وقد روي في مصادرنا الكثير من هذه الروايات الّتي تكشف عن كثير من الملابسات، وتزيح الستار عن الغموض الّذي يعتري حوادث تلك الحُقبة من التّاريخ الإسلامي، وخصوصاً المتعلَّق منها بموقف أمير المؤمنين (ع) من الثلاثة المتقدِّمين عليه بشكلٍ عام، وليس في خصوص فدك فقط.
فقد روى الشّيخ الصّدوق في «علل الشّرائع» من طريق ابن مسعود، قال:
احتجّوا في مسجد الكوفة، فقالوا: ما بال أمير المؤمنين (ع) لم يُنازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟
فبلغ ذلك عليّاً (ع) ،فأمر أن يُنادى بالصّلاة جامعة، فلمّا اجتمعوا صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثُمَّ قال: " معاشر النّاس، إنّه بلغني عنكم كذا وكذا..".
قالوا: صدق أمير المؤمنين، قد قلنا ذلك.
قال: " فإنَّ لي بسنّة الأنبياء أُسوة فيما فعلت، قال الله عزّ وجلّ في كتابه: لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ".
قالوا: ومَن هم يا أمير المؤمنين؟
قال: " أوَّلهم إبراهيم (ع) ،إذ قال لقومه: (وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ) (مريم: 48). فإن قلتم إنَّ إبراهيم اعتزل قومه لغير مكروه أصابه منهم، فقد كفرتم، وإن قلتم اعتزلهم لمكروه رآه منهم، فالوصيّ أعذر.
ولِي بابن خالته لوط، أُسوة، إذ قال لقومه: (قٰالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ) (هود: 80). فإن قلتم إنَّ لوطاً كانت له بهم قوّة، فقد كفرتم، وإن قلتم لم يكن له قوّة، فالوصي أعذر.
ولِي بيوسف (ع) أُسوة، إذ قال: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّٰا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (يوسف: 33). فإن قلتم إنَّ يوسف دعا ربّه وسأله السجن لسخط ربّه، فقد كفرتم، وإن قلتم إنَّه أراد بذلك لئلاّ يسخط ربّه عليه فاختار السجن،