43وأين هذا من زعم عروة وإحسان ظهير؟!
وسيأتي مزيد بيان تحت عنوان (ترسُّخ سنَّة مَن سبقه من الخلفاء).
موقف أميرالمؤمنين(ع) من فدَك
إنَّ التّاريخ لم يسجّل لنا بصورة واضحة مصير فدك في خلافة أميرالمؤمنين (ع) ، إلاّ أنَّ الثابت أنَّها كانت بيد مروان قبل خلافة الإمام (ع) ، حيث أقطعها له عثمان بعد أن زوَّجه ابنته كما تقدّم.
ومن الواضح أيضاً، وفقاً للثابت من عدالة أمير المؤمنين (ع) وسياسته في خلافته، أنَّه أرجع الأمور إلى نصابها، خصوصاً تلك الأمور الّتي سبَّبت النقمة على عثمان، وأجَّجت الوضع عليه. وبلا شكّ كانت سياسته الاقتصاديّة في مقدّمتها؛ فقد أخرج الطبري بسنده إلى عبد الله بن الزّبير عن أبيه، قال:
كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجّون، ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبداً حتّى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله... فأرسل إلى عليٍّ فدعاه, فلمّا جاءه، قال: يا أبا الحسن, إنَّه قد كان من النّاس ما قد رأيت، وكان منّي ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي، فاردِدهم عنِّي، فإنَّ لهم الله عزّ وجل أن أعتبهم من كلِّ ما يكرهون، وأن أعطيهم الحقّ من نفسي ومن غيري، وإن كان في ذلك سفك دمي.
فقال له علي: النّاس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وإنِّي لأرى قوماً لا يرضون إلاّ بالرضى، وقد كنتُ أعطيتهم في قدمتهم الأُولى عهداً من الله لترجعنَّ عن جميع ما نقموا، فرددتهم عنك، ثُمَّ لم تفِ لهم بشيء من ذلك، فلا تغرّني هذه المرّة من شيء، فإنِّي معطيهم عليك الحقّ.
قال: نعم فأعطهم، فوالله لأفيَنَّ لهم.
فخرج عليٌّ إلى النّاس فقال: أيّها النّاس، إنّكم إنَّما طلبتم الحقّ فقد أعطيتموه، إنّ عثمان قد زعم أنَّه منصفكم من نفسه ومن غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكدوا عليه.
قال النّاس: قد قبلنا، فاستوثق منه لنا، فإنّا والله لا نرضى بقول دون فعل.