44
فقال لهم عليٌّ: ذلك لكم. ثُمَّ دخل عليه فأخبره الخبر، فقال عثمان:
اضرب بيني وبينهم أجلاً يكون لي فيه مُهلة، فإنِّي لا أقدر على ردِّ ما كرهوا في يوم واحد.
قال له علي: ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك.
قال: نعم، ولكن أجّلني فيما بالمدينة ثلاثة أيّام.
قال علي: نعم. فخرج إلى النّاس فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتاباً أجله فيه ثلاثاً، على أن يردّ كلّ مظلمة ويعزل كلّ عامل كرهوه. ثُمَّ أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عليه ناساً من وجوه المهاجرين والأنصار، فكفَّ المسلمون عنه، ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه. فجعل يتأهَّب للقتال، ويستعد بالسّلاح، وقد كان اتَّخذ جنداً عظيماً من رقيق الخمس. فلمَّا مضت الأيام الثلاثة، وهو على حاله لم يغيِّر شيئاً ممّا كرهوه، ولم يعزل عاملاً، ثار به النّاس 1.
وقال الذّهبي:
«ونقم جماعة على أمير المؤمنين عثمان؛ كونه عطف على عمِّه الحكم وآواه وأقدمه المدينة، ووصله بمائة ألف» 2.
وأخرج البلاذري في أنسابه، بسنده إلى الزّهري، قال:
كان ممَّا عابوا على عثمان، أن عزل سعد بن أبي وقاص، وولّى الوليد بن عقبة، وأقطع آل الحكم دُوراً بناها، واشترى لهم أموالاً، وأعطى مروان بن الحكم خمس إفريقيا، وخصَّ ناساً من أهله ومن بني أُمية... وقال عبداللهبن الأرقم، خازن بيت المال، وصاحبه: اقبض عنَّا مفاتيحك، فلم يفعل، وجعل يستسلف ولا يردّ، فجاء عبد الله بالمفاتيح هو وصاحبه يوم الجمعة، فوضعاها على المنبر وقالا: هذه مفاتيح بيت مالكم - أو قالا: مفاتيح خزائنكم - ونحن نبرأ إليكم منها.. 3 .