42
خيبر... فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة على أبيبكر في ذلك. قالت: فهجرته فلم تُكلِّمه حتّى توفِّيت. وعاشت بعد رسول الله (ص) ستّة أشهر، فلمّا توفّيت، دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلاً، ولم يُؤذن بها أبا بكر، وصلّى عليها علي 1.
فحديث عائشة صريحة الدلالة على مطالبة الزّهراء عليها السلام بفدك وإرثها من رسولالله (ص) ، وأنَّ أبا بكر منعها ذلك، وأنَّها لم تقبل حجَّته، وغضبت عليه حتّى وفاتها، ومُنِع من الصّلاة عليها، مُبالغةً في غضبها عليه بوصيّة منها عليها السلام ، كما صرَّحت بذلك بعض الرّوايات الّتي لا مجال لذكرها هنا.
مضافاً إلى أنَّ ما ادَّعاه عروة وإحسان ظهير محرَّف عن وجهه؛ إذ إنَّ أميرالمؤمنين (ع) لم يقل: (إنّي لأستحيي من الله)، وإنَّما كان حياؤه (ع) من النّاس؛ لئلّا يتَّهموه بأنَّه ينحازُ لقرابته، ويجرّ النفع لنفسه بإرجاع فدك إلى ورثة الزّهراء عليها السلام . وتُهمة جرّ النفع لنفسه هي الّتي أطلقها الشّيخان، وردَّا بها شهادة أمير المؤمنين (ع) لفاطمة عليها السلام .
وقد وردت الرّواية بوجهها الصّحيح في كتاب «رشح الولاء»، ففيه:
قال الحسن والحسين عليهما السلام لأبيهما علي (ع) زمان خلافته: رُدَّ علينا يا أميرالمؤمنين فدك؛ فإنَّك تعلم أنَّها حقُّنا. فقال (ع) :لا شبهة في أنَّ الحقّ حقُّكما والإرْثَ إرْثُكُما، إلاّ أنَّ الوُلاةَ الماضين منعوكما ذلك، ومضى عليه الأَوَّلون، واقتدى به الآخرون، وأنا أَستحيي أن أردّها إليكما، مع علمي أنَّها حقُّكُما. نعم، لو استوت قدماي في هذه المداحض، لغيَّرْتُ أشياء 2.
فهذا الحديث صريح الدّلالة على أنَّ أمير المؤمنين (ع) يرى أنَّ الحقّ حقّهما، والإرث إرثهما، ولا شبهة في ذلك، لكنَّ مَن قَبْلَهُ ظلموا وسار النّاس على ظلمهم، ولو استوت قدماه (ع) في تلك المداحض والمزالق لغيَّرها.