21
الشارع، وبهذا القيد انفصلت عن كل ما ظهر لبادي الرأي أنّه مُخترَع، ممّا هو متعلّق بالدين، كعلم النحو والتصريف و... فإنّها وإن لم توجد في الزمان الأول، فأصولها موجودة في الشرع.... 1
ومن مجمل هذه التعاريف يمكن ملاحظة الأمور الآتية:
1- وجود بدعة بالمعنى اللغوي واُخرى بالمعنى الاصطلاحي؛ إذ الأُولى هي كل شيء مُخترَع على غير مثال سابق، في الدين أو غيره، له أصل عام من جنسه أم ليس له أصل.
أمّا الثانية، فهي - على ما في جميع التعاريف - الأمر المُحدَث في الدين - خصوصاً - ولم يكن له أصل فيه. فالأُولى أعمّ من الثانية، وقد يفترقان في البدعة غير الدينية، فهي بدعة لغة فقط، وقد يفترقان أيضاً في البدعة التي لها أصل من جنسها، فهي بدعة لغة دون أن تكون بدعة اصطلاحاً.
2- إنَّ البدعة المذمومة هي البدعة الأخص - أي الاصطلاحية - دون الأعم؛ لأنَّ الأعم لها أفراد، ومن أفرادها ما كان لها أصل في الدين، أو التي ليست في الدين أساساً، فهذين الفردين لا يشملهما الذم.
إذا تمَّ ما تقدم، فأنَّه سينفعنا في تطبيق ذلك على ما سيأتي في الفصول اللاحقة، عند التعرض للنصب والتشيع في الرواة، وما هو القادح في العدالة وغير القادح فيها على ما سيتضح.
تتميم: لابد - تتميماً للفائدة - من ذكر أمرٍ مهم لا يُغفَل عنه، وهو أنَّه إذا أطلقت البدعة، أو أُطلق لفظ المبتدع، دون قيد أو قرينة ما، فإنَّه ينصرف للبدعة المذمومة آنفة الذكر، دون غيرها من أفراد البدعة، و
«البدعة المذمومة: هو المُحدَث في الدين من غير أن يكون في عهد الصحابة والتابعين، ولا دلَّ عليه الدليل الشرعي». 2
ولعّل هذا من الواضحات بعد أن اتَّضح أنَّها، أي: البدعة مأخوذ عدمها في مفهوم