19الاعتدال)، ناسباً ذلك الاستغراب لقائل، فقال ما نصّه:
«لقائلٍ أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحدُّ الثقة العدالة والإتقان، فكيف يكون عدلاً مَن هو صاحب بدعة؟!...». 1
ولابدّ - تتميماً للبحث - أن نقف عند مفهوم البدعة وماهيتها، كي تتَّضح حدود العدالة بصورةٍ أدقّ.
المبحث الرابع: البِدْعَة وحقيقتها عند الجمهور
قبل البدء بمناقشة ماهية البدعة وحقيقتها عند الجمهور، نستعرض المفهوم اللغوي للبدعة، لمساسه وقربه من معناها الاصطلاحي، وفيما يلي تعريف البِدْعَة لغةً في أهمِّ المصادر اللغوية:
1- قال ابن فارس، في مادة (ب د ع):
الباء والدال والعين أصلان، أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر: الانقطاع والكلال.
فالأوّل قولهم: أبدعت الشيء قولاً أو فعلاً، إذا ابتدأته لا عن مثال، والله بديع السماوات والأرض، والعرب تقول: ابتدع فلان الركي، إذا استنبطه، وفلان بدع في الأمر، قال الله تعالى:
قُلْ مٰا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ (الاحقاف: 9)
أي: ما كنت أوّل. 2
2- وقال ابن منظور:
«والبديع والبدع: الشيء الذي يكون أولاً ... والبِدعة: الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال، ... ابن السكيت: البدعة كل محدثة». 3
أما البِدعَة في الاصطلاح، فهي لا تبتعد كثيراً عن المعنى اللغوي، وهذا بسط الكلام فيها:
1- قال ابن رجب الحنبلي:
«البدعة: ما أُحدث ممّا لا أصل له في الشريعة يدل عليه، أمّا ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعاً، وإن كان بدعة لغة». 4
2- أمّا الجرجاني، فلم يختلف تعريفه عمّا تقدَّم؛ إذ قال: