181. إنَّ العدالة شرط اتفاقي بينهم، لم يشذّ أحد من محدّثي الجمهور ورجالييهم عن ذكره.
2. لم يتطرَّق أي واحد منهم إلى كفاية الوثاقة وعدم الكذب، وهذا يعني عدم كفاية ذلك، بل لابد من إحراز العدالة.
3. بعد الاتفاق على العدالة، اختُلف في معناها - كما نقل الشوكاني - بين كونها عدم ارتكاب المفسق، أو أنَّها مَلَكَة تمنع من ارتكاب الذنوب - صغائرها وكبائرها - ولكن على كلا القولين فإنَّ المداومة على ارتكاب ذنب معيَّن يكشف قطعاً وجزماً عن عدم العدالة، سواء قيل إنَّها عدم ارتكاب المفسق هذا واضح؛ لأنَّ ارتكاب ذنب ما هو من المفسقات - أم قيل بأنَّها مَلَكَة - إذ المداومة على الذنب يكشف عن عدم تلك الملكة. إذن فالمبتدع المقيم على بدعته المفسقة غير عادل على القولين.
4. يلاحظ دخول (عدم البدعة) في مفهوم العدالة، فمَن صرَّح بذلك مباشرة، كما هو في القول رقم 2 و3 و4 و5 و7، فهذا واضح عندهم، أمَّا القول رقم1، وهو قول الخطيب البغدادي، فقد صرَّح بنفسه في موضع آخر على دخول (عدم البدعة) في العدالة.
أمَّا من لم يصرح، فدخول (عدم البدعة) عنده في مفهوم العدالة متوقّف على إثبات كون البدعة من الأمور المفسقة، وارتكابها يُعدّ من المخالفات الصريحة للشريعة.
وإنّما خصّصنا البدعة هنا بالكلام دون غيرها من شروط العدالة و أركانها وموانعها، لمساسها الكبير ببحثنا، على ما سيتبيَّن لاحقاً في بحث النصب والتشيع.
ويدلّ أيضاً على دخول (عدم البدعة) في مفهوم العدالة، كون البدعة أحد أسباب الجرح والطعن في الراوي، حيث ذكروا:
«أسباب الجرح مختلفة، ومدارها على خمسة أشياء: البدعة، أو المخالفة، أو الغلط، أو جهالة الحال، أو دعوى الانقطاع في السند...». 1
ولأجل دخول (عدم البدعة) في مفهوم العدالة، أظهر الذهبي استغرابه في (ميزان