25الفائدة المرجوّة من تلك الرحلة الإيمانية هو أن تسلم لأمة عقيدتها، وتصح لها جوانبها الفقهية التشريعية، مسكوة برداء التيسير والتسامح، فتستقيم أُمورها الاجتماعية والسلوكية، [و] يتحقق لها كل ذلك من أداء شعيرة الحجّ السنوية كما أرادها المولى عزّوجل؛ لتصبح عنواناً عملياً على الفكر والسلوك، والتعامل المثالي، فتحقق بجدارة أنّها أمّة مسلمة، تستعيد مكانتها، وتميّزها بين أُمم الأرض.
** *
إلى هنا تمّ عرض رسالة «منى التاريخ والتشريع» بتلخيص، غير أنّ المؤلف اكتفى بإشارة إلى لزوم صيانة الآثار الإسلامية، ولما يترتب على هدمها من نتائج، ونحن نزيد بياناً ونقول:
إنّ كلّ واقعة أو أي حادثة من الحوادث تُعدّ في الأيام الأُولى لوقوعها من الحقائق القطعية لدى المعاصرين لها، ولكنّها مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال، تفقد تلك الواقعة قطعيتها، بصورة تدريجيّة بنحو يلقي الشك والترديد ظلاله عليها إلى درجة قد تصل الحالة إلى أن تعتبر أُسطورة خيالية في نظر بعض الأجيال.
ولا شكّ أنّ الحوادث والوقائع التاريخية غير مستثناة من هذه الحالة، فبالرغم من قطعيتها ووضوحها في الأيام الأُولى، ولكنّها قد تصل إذا أُهملت ولم تلق عناية خاصة إلى أن تصبح أُسطورة تاريخية في نظر الأجيال القادمة.
بل إنّ تكرار هذا الخطر وتلك الفاجعة في الحضارة الإسلامية أخطر من غيرها، وذلك باعتبار أنّ الرسالة الإسلامية هي خاتمة الرسالات، وهي الرسالة الخالدة التي تسير مع الإنسان، وترسم له طريقه إلى يوم القيامة، ولا شكّ أن الأجيال القادمة إنّما تتبع هذه الرسالة، وتنهل من نميرها العذب إذا كانت تلك الأجيال على يقين من أحقية تلك الرسالة، وعلى علم بواقعيتها