10أمّا في الإجابتين الثالثة و الرابعة، فناقش المؤلّف مجموعة من المسائل و القضايا التي كانت مثار جدل آنذاك مثل موقف الوهّابيين من بعض المخترعات التي وقفوا منها مواقف غربية كالبرق و التلغراف، و مسألة القوانين و الأنظمة، و موقفهم من الشيعة في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، و محاولة إكراههم على اعتناق المذهب الحنبلي الوهابي.
فيما يأتي مراجعة سريعة- لا تغني عن قراءة الكتاب- لأهم ما جاء فيه من مناقشات لقضايا لا تزال إلى يومنا هذا مثار جدل و خلاف مستمر بين الوهابية (السلفية) ومخالفيها من أهل السنة و الشيعة الإمامية وأهل العرفان وأتباع الطرق الصوفية.
هل البناء على القبور و زيارتها والتوسل بأصحابها شرك؟
لا يرتاب مسلم في أنّ التوحيد هو أساس دين الإسلام و عماده، ولكن الكلام - يقول المؤلف - : في معرفة حقيقة التوحيد الذي أمر به الله تعالى و جعل اعتقاده محتماً و معتقده مسلّماً، وفي معرفة ما ينفيه أو ينافيه من الأقوال و الأعمال، وفي معرفة العقائد التي توجب البقاء على الشرك أو الدخول فيه، والمعتمد في كشف الحقيقة هو الرجوع إلى الكتاب والسنة و أخبار أهل البيت العصمة (ص24).
وقد أفتى الوهابية بحرمة البناء على القبور و زيارتها و التمسح بها و الصلاة عندها، و كذلك التوسل بالأنبياء و الأئمة و الصحابة و الشهداء، ظناً منهم أنّ ذلك ينافي عقيدة التوحيد، وهو موجب للشرك بالله؟!
وهذه الأفعال كلها في نظر علماء أهل السنة والشيعة الإمامية جائزة بالكتاب والسنة و الإجماع و العقل والقياس والاستحسان، بل إنّها من مسلَّمات عقائد المذاهب الإسلامية الأصولية، باستثناء من شذّ من الحنابلة، مثل ابن تيمية و تلامذته.
وقد تعرّض علماء المذاهب للأحاديث والروايات التي يستند إليها هؤلاء الشرذمة المخالفون بالشرح والتحليل، وقدموا فهماً وشرحاً يختلفان كثيراً عما فهمه منها ابن تيمية وأتباعه من الوهابية، مؤكدين على ضرورة فهم تلك الأحاديث في إطار سياقها التاريخي عند بداية