11الدعوة الإسلامية، فالأمر بالهدم مثلاً كان المقصود به قبور المشركين التي كان بعض منها يُعبد أو تُقام عليه أو بجانبه بعض الشعائر الشركية، ومنها من كان قد نُصب عليه بعض الأصنام من الحجارة، فتحولت إلى آلهة تُعبد من دون الله، لذلك طلب رسول الإسلام(ص) بهدمها وانهالت الشواهد والعلامات القائمة عليها.
أمّا قبور المسلمين فليس هناك أيّ دليل على وجوب هدمها، بل تواترت الأخبار على زيارة الرسول(ص) و أمهات المؤمنين و الصحابة و الأئمة قبور الشهداء والموتى في أحد والبقيع، وكانوا يترحّمون على أصحابها و يقرأون عندها القرآن ويهدون ثوابه إلى أهل القبور، وكانوا يعرفون كلّ قبر وصاحبه، وهذا معناه أنّ القبور كان لها شواهد و علامات، وهي واضحة للعيان، ولم يخطر ببال أحدهم أنّ فعلهم هذا محرم أو منهي عنه، ناهيك عن أن يكون طريقاً للشرك بالله سبحانه و تعالى!
وقد ظهر ذلك جلياً في إجماع المسلمين، صحابة وتابعين، علماء ومقلّدين، وإلى يوم الناس هذا، كما هو مشاهد للعيان وثابت للوجدان، فقبل فتنة الوهابية وسيطرتهم على الحجاز و الأماكن المقدسة كان أغلب قبور الأئمة و الصحابة و العلماء مبنياً وعليها أضرحة وقباب يزورها المسلمون من كل بقاع العالم، و الآن أغلب المناطق الإسلامية في مصر و العراق وبلاد الشام والمغرب وتركيا وإيران وبلاد الهند تبنى فيها القبور والأضرحة والمراقد، أو تُبنى بجانبها مساجد أو زوايا تقام فيها الصلاة ويقرأ فيها القرآن، ولم يقل أحد: إنّ ذلك شرك أو كفر.
وكيف يكون ذلك كفراً ؟! وأنت لو سألت أيّ شخص من عوام المسلمين من زوار تلك المراقد، فسيقول لك: هذا قبر فلان الإمام أو الصحابي أو العالم، وأنه يزوره ليترحم عليه ويدعو له أو عنده، ولن تجد من يدَّعي أنه إله أو شريك لله في صفة من صفاته، أو أنه يعبدُه ليقربه إلى الله زلفى. وبجانب هذه المقامات تقام الصلوات الشرعية، ويرفع الأذان بالتوحيد، فكيف يكفر أو يُشرك بالله من يُوحِّده ويتلو كتابه آناء الليل والنهار؟!
إنّ الفهم الوهابي (السَّلفي) للتوحيد، هو فهم ساذج بسيط ففي الوقت الذي يستدلّ الوهابيون فيه بأحاديث يدّعون صحتها ويوهم ظاهرها بموافقة فتاويهم، فإنهم يغضّون الطرف عن عشرات الأحاديث الأخرى والأخبار و الآثار وأقوال الأئمة التي تخالف آراءهم واختياراتهم، والبحث العلمي الموضوعي والاجتهاد الشرعي الصحيح كلّ ذلك يقتضي عرض جميع الأدلّة و مناقشتها و تحليلها، ثم الركون بعد ذلك إلى أحسن القول.
وقد تبيّن للمحققين من أهل السنة والشيعة الإمامية أنّ ادّعاء الوهابية الإجماع على