25استطاع الإنسان في المرحلة الأولى من هذه الرحلة أن يتخلص من جاذبية محور (الأنا) في حياته،فإنّ المحور الإلهي يجذبه جذباً قوياً بطبيعة الحال إلى المحور الرباني.
و انجذاب الإنسان إلى هذا المحور أمر طبيعي كامن في عمق فطرة الإنسان،و(الأنا) هو الذي يحجز الإنسان عن هذه الجاذبية،فإذا تحرّر الإنسان عن حاجز سلطان (الأنا) فإنّ الجاذبية الإلهية تجذبه و(الطواف) بعد الإحرام من الميقات يرمز لذلك.
و عليه فإنّ حركة الطواف نقلة رمزية تعليمية في حياة الإنسان من الأنا إلى الله تعالى،و تعبير رمزي عن التوحيد في حياة الإنسان المسلم،إلاّ أنّ هذا التوحيد ليس هو التوحيد النظري الذي يعرفه الناس،وإنما هو توحيد العبودية لله،وتوحيد الحبّ،والولاء،والاهتمام،كما ترسمه الآية المباركة: (قُلْ إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ* لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) . 1إنّ الطواف يرمز إلى الحركة الإنسانية الدائمة والمستمرة حول هذا المحور الإلهي في التاريخ،وإننا لننظر من بعيد إلى حركة التاريخ،فنرى:أنّ حركة التاريخ تجسّد (التوحيد) في حياة الإنسان،وأنّ الأنبياء:وأممهم-إلاّ في فترات قصيرة-يجسّدون هذه الحركة البشريه الدائمة حول محور الألوهية،فنشعر بحركة واحدة متصلة متواصلة،يتلقاها رسول من رسول،ونبي عن نبي،منسجمة وعلى صراط واحد،هو صراط الله المستقيم،ولكن عندما ندخل نحن ضمن هذه الحركة،فسوف نواجه ألواناً من المضايقات،والأذى،والمشاكسات من الهوى في داخل أنفسنا،ومن الطاغوت في المجتمع،ومن شياطين الجن والإنس،الذين يضايقون الناس في حركتهم إلى الله،ومن التنافس،والتنابذ،والاختلاف،والتقاطع داخل الحركة،فيما بين المؤمنين أنفهسم.
و حركة الطواف حول الكعبة تجسد هذا الواقع بالدقة...فإذا أطلّ الإنسان من