35مجال الفقه؟ أللهم إلاّ أن يكون معتقداً بكونه معذوراً أصاب أو أخطأ، صادف الواقع أو انحرف عنه.
ولولا أنّ المسلمين أحرار في العمل على وفق مذاهبهم في الفقه بعد الإعتقاد بها و تمام الحجة عليهم، كان الواجب عليهم رفض المذاهب المختلفة و الالتفات حول مذهب واحد، و مع هذا فأيّ ترجيح لمذهب الحنابلة على مذهب الشافعي، أو لمذهب الشافعي على الحنفي، أو لهم على مذهب مالك؟
وبعد كلّ هذا، فالشيعة الإماميّة يعتقدون أنّ مذهبهم هو موافق لسنّة رسول الله (ص) لأنهم اتّبعوا فيه أهل بيته وعترته (عليهم السلام) ، وحديث العترة ومذهبهم حديث جدّهم رسول الله (ص) ومذهبه؛ لايقولون برأي أو اجتهاد، بل يتبعون سنة النبي (ص) بعد الكتاب، و يصدرون عن معينه (ص) بعد القرآن، ومع الغض عن هذا، فهل يحق لبعض المسلمين أن يجتهد و لايحقّ ذلك للعترة؟ ! ويكون اعتبار الاجتهاد حصراً على غيرهم ولايعبأ بمذهبهم إلاّ أن يكون ذلك لعدم صدور الاجتهاد عنهم، لكونهم معصومين أو لروايتهم المسائل عن النبي (ص) بلا إعمال حدس أو اجتهاد، و معه فاعتبار مذهبهم أولى.
وعلى أية حال فهذا أمر هام لاينبغي المرور عليه بسهولة، فإنّ المسلمين مختلفون في كثير من المسائل الفقهية، إلاّ في المسائل الضروريّة كوجوب الصلوات الخمس، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، ونحو ذلك؛ ومع ذلك فهم في فروع هذه المسائل على مذاهب و أقوال، قلّما تجد مسألة اتّفقوا على حكمها، بل كثيراً ما تجد الاختلاف بين علماء مذهب واحد في حكم المسألة، سيّما في الفروع المستجدّة، بل وفي بعض الفروع القديمة حيث يختلفون فيما كان مذهب إمامهم في تلك المسألة، و من جملة المسائل مسألة سفر المرأة وحدها، فقد نسب إلى أحمد بن حنبل ثلاثة أقوال و إن مال بعض علمائهم إلى بعضها، ولكن ربّما يذهب غيره إلى غيره، و يعتقد أن مذهب أحمد كان غير ما مال إليه ذاك البعض.