16فالآيتان تدلان على أنّه كلما أطلق الإله لا يتبادر منه إلاّ من يملك هذه الشؤون - لا مجرد كونه معبوداً - ولذلك رد الوحي الإلهي وصفهم أو أصنامهم بالاُلوهية، بعدم وجود هذه الشؤون فيها.
انتقال هُبَل إلى مكة
ويوضح مكانة الأوثان عندهم ما نقله ابن هشام في سيرته يقول: أنّ عمرو بن لُحَيّ خرج من مكة إلى الشام في بعض أُموره، فلما قدم مآبَ في أرض البَلْقاء، رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام الّتي أراكم تَعبْدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها، فنَسْتمطرها فتُمْطِرَنا، ونَسْتَنْصرها فتَنْصرنا؛ فقال لهم: أفلا تُعْطُونني منها صَنماً، فأسيرَ به إلى أرض العرب، فيعبدوه؟ فأعْطَوْه صَنماً يقال له هُبَل، فقدم به مكَّة، فَنَصَبه، وأمَر الناس بعبادته وتعظيمه. 1فإذا كان الإمطار عند الجفاف، والإنصار في الحروب والشدائد من شؤون الإله المزعوم، فيكون المتبادر منه هو نفس ما يتبادر من لفظ الجلالة، مجرداً عن العلَمية.
العاشر: الإله في كلام الإمام علي7
وممّا يؤيد ما ذكرناه من عدم الفرق بين الإله، ولفظ الجلالة إلاّ بالكلية والجزئية، كلام الإمام أميرالمؤمنين (ع) في نقد كون كلامه سبحانه قديماً، بأنه لو كان كذلك، لكان إلهاً ثانياً؛ وإليك نصّه:
يَقُول لمنْ أرَادَ كونه: كُنْ فَيَكُونُ ، لا بصورت يُقرع، ولا بنداء يُسمع، وإنّما كلامُه سبحانه فِعل منه أنشَأه وَمَثَّلَهُ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذلِكَ كَائِناً، وَلَوْ كَانَ قَدِيماًَ لَكَانَ إلهاً ثَانِياً. 2أي لو كان قديماً، لكان واجب الوجود، أو ما يفيد ذلك، ولامعنى لتفسير الإله بالمعبود، أي لكان إلهاً معبوداً ثانياً.