14
الثامن: وقوع قوله: (لا إله إلاّ هو) تعليلاً لحصر الشؤون
قد وقع قوله: «لا إله إلاّ هو» في الآيات التالية تعليلاً لحصر الرازقية، وربوبية المشرق والمغرب، ومالكية السماوات والأرض في الله سبحانه، ولا يصح كونه علّة للحصر المذكور إلاّ إذا أريد به المعنى الإجمالي الملازم للخالقية والربوبية والمالكية، فعندئذٍ يصلح أن يقع تعليلاً، لما تقدمه من حصر الأُمور المذكورة في الله.
1. هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الأرْضِ لا إلهَ إلاَّ هُوَ . 1فصدر الآية ينفي أي خالق غير الله يرزق الناس، وذيلها أعني قوله: لا إلهَ إلاَّ هُوَ بمنزلة التعليل له، ولا يصح تعليلاً إلاّ إذا أريد به ذلك المعنى السامي الملازم للشؤون، فكأنّه يقول «إذا لم يكن إله - بهذا المعنى - فلا خالق يرزق الناس إلاّ الله.
2. رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً . 2إنّ صدر الآية يصفه سبحانه بكونه رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ، أي رب عالم الشهادة، ثم يأتي بقوله: لا إلهَ إلاَّ هُوَ تعليلاً لما تقدم، ولا يصح ذلك إلاّ بتفسير الإله بالمعنى السامي الّذي يدل عليه لفظ الجلالة، لكن مجرداً عن العلَمية، فيكون المعنى: إذا لم يكن خالق مدبر و. . . ، إلاّ الله، فهو رب السماوات والأرض و. . .
ثم عطف عليه قول: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً لأنّ اتخاذ الوكيل بمعنى إيكال الأُمور إليه من شؤونه سبحانه.
3. الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الأرْضِ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ . 3وكيفية الاستظهار هو نفس ما تقدم في الآيتين المتقدمتين، فلا يصلح قوله: لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ تعليلاً لما سبق إلاّ إذا أريد بالإله المعنى الإجمالي السامي الملازم للخالقية والرازقية والربوبية وغيرها، فإذا كانت هذه الشؤون منحصرة في الله سبحانه، فله ملك السماوات والأرض.