307لكن طوعة ما إن سمعت باسمه حتى صاحت بلهفة: أحقاً أنت مسلم؟ أحقاً أنت سفير الإمام الحسين (ع) ؟ أجاب مسلم: نعم، يا أمة الله؛ فقالت: سيدي يا مسلم اغفر لي خشونتي وما بدر مني أدخل بأبي أنت وأمي إلى داخل الدار.
رحبت به وامتلأ قلبها سروراً، وأدخلته بيتاً غير الذي يأوي إليه إبنها وعرضت عليه الطعام فأبى؛ ولما وافى ابنها المنزل ورآها تكثر الدخول لذلك البيت استراب منه فاستفهمها عنه فأعرضت وألحّ عليها فلم تخبره إلاّ بعد أن أخذت عليه العهود لا يعلم أحداً بمن في البيت فبات الغلام فرحاً بجائزة ابن زياد. 1وما كاد الصبح يتنفس حتى أسرع ولدها إلى القصر وأخبر بمكان مسلم، وفور وصول النبأ إلى ابن زياد أرسل قوة كبيرة إليه، وما أن سمع مسلم بالضجة حتى أدرك أنّ القوم يطلبونه، فخرج إليهم بسيفه وكانوا قد طوّقوا الدار من كل جهاتها فانهزموا بين يديه وهم أكثر من مائتي مقاتل، وبعد معارك ضارية بينه وبينهم في الشوارع استعملوا فيها النار والحجارة من أعلى السطوح استسلم لهم بعد أن أمنه ابن الأشعث وأعطاه العهود.
ومضى معهم إلى القصر فأدخل على ابن زياد ولم يسلّم عليه، وجرى بينهما حوار طويل كان فيه ابن عقيل رضوان الله عليه رابط الجأش منطلقاً في بيانه، قوي الحجة، حتى أعياه أمره وانتفخت أوداجه وجعل يشتم علياً والحسن والحسين، ثم أمر جلاوزته أن يصعدوا به إلى أعلى القصر ويقتلوه، ويرموا