89ثانياً: سير الصحابة رضوان الله عليهم.
ثالثاً: المصادر التاريخية العامة، والأخرى المتخصصة في التاريخ المكي.
رابعاً: كتب المناسك ومدوناتها المطولة والمختصرة، فقد أصبح ذكر هذه الأماكن موضوعاً ثابتاً، وباباً مهماً مستقلاً في معظم كتب المناسك تحت عناوين مختلفة، قلّ أن يخلو منها كتاب من تلك الكتب، بل إنّ بعض العلماء أفردها بكتابات مستقلة، ورسائل مفردة زيادة في العناية والاهتمام.
يقتصر العرض لمختارات من المدونات السابقة تفصيلاً إن شاء الله تعالى، توثيقاً صريحاً للتواتر العلمي.
واجب الأمانة العلمية والتاريخية يقضي ذكر العناوين التي يضعها المؤلفون في تقديمها وعرضها، فإنّ لكل عنوان مدلوله عند المؤلف، وسيكون من مهمة البحث تحليل تلك العناوين تحليلاً علمياً متجرداً.
الواجب العلمي يقضي إنصاف كل ذي رأي في هذا الموضوع بأدلته، وبالفهم الذي يفهمه، دون تحيز، أو افتئات، فمن ثم اقتضت الدراسة تقسيم البحث إلى الفصول الآتية. . .
أودّ أن أنبه القارئ الكريم إلى أمرين ينبغي أن يكونا في الحسبان:
أولاً: مهمة البحث أصالة هو العرض المتجرد بما يمليه المنهج العلمي، خصوصاً فيما يتصل بالآراء الفقهية، فليس المجال مجال سجال، أو جدال، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلاّ صاحب الرسالة سيدنا محمد (ص) ، وللقارئ أن يرجح ما يشاء، دون غمط، أو تقليل، أو نبذ للآخرين، فهذا ليس من خلق الإسلام.
ثانياً: جاء الاقتباس من مصادر متعددة متنوعة لقرون مختلفة، فبرغم تكرار أسماء المواضع، لكن يختلف المؤلفون في أسلوب العرض، وذكر معلومات إضافية عن الموضع بما حدث له من عمار، أو خراب له فى عصره، كذلك ليتم الاقتناع بالتواتر العلمي في كل مجموعة من تلك الكتب المنتسبة إلى فنونها على انفرادها، وفق عصور مختلفة، وبجميعها مجتمعة، بالإضافة إلى التواتر المحلي في تعيين هذه الأمكنة، وتحديدها، وتوارث مواقعها جيلاً بعد جيل، يتجلى هذا من وصف بعض الأمكنة في ثنايا كتابات بعض المؤلفين، مثل الحديث عن مكان مولد النبي (ص) : «وهو من أصح الآثار عند أهل مكة، يحقق ذلك مشايخهم» ، وبهذا يتحقق المعنى الاصطلاحي بين علماء الإسلام لمدلول (التواتر) وهو:
«الخبر الثابت على ألسنة قوم لايتصور تواطؤهم على الكذب» . 1تم العرض على هذا الأسلوب من أجل قطع الشك باليقين، وحتى لايسقط القارئ المتأمل في دائرة الإنكار التي لاتستند إلى دليل، والذي يروج له البعض من دون علم ومعرفة بالمواقع والأنحاء في مكة المكرمة، ولأمر ما يشككون فيما جرى عليه التواتر العلمي والمحلي فيما لاشك فيه منذ القرون الإسلامية الأولى، دون علم، أو سند سامحهم الله.
على أنه ينبغي أن يكون القارئ الكريم على وعي تام للفرق بين أمرين مختلفين حكماً:
أولاً: المحافظة على هذه الأماكن من يد العابثين، فهي أمانة الماضي، وأمانة تاريخية ينبغي أن تبقى دروساً حية، ناطقة للأجيال القادمة، ينظرون إلى تاريخ الرسالة المحمدية من خلالها.