63ثم لايكفي مجرد الرجحانفي نفسه، بل لابدّ من ملاحظة ما يلازمه من ترك واجب أو إتيانمحرم، حتى يصح إضافة العمل إليه تعالى؛ فزيارة الحسين (ع) مثلاًوإنكانت راجحةً في نفسها، لكنها إذا كانت ملازمةً لترك واجب أو إتيانمحرم لايمكن الإضافة إليه تعالى؛ وهذا نظير نذر قراءة القرآنمن أول طلوع الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو نذر سجدة طويلة تستغرق جميع الوقت، بحيث تفوت عنه الصلاة المكتوبة، أو نذر صوم اليوم الذي يجيء مسافره فصادف يوم العيد، ولاريب في انحلال النذر في أمثال هذه الموارد.
ولازم ذلك، عدم كون المقام من باب التزاحم الذي يكون مورده الواجبين الفعليين، اللذين يشتمل كل منهما على ملاك ملزم، غاية الأمر عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال؛ لأنّهذا يختص بما إذا كانالواجب ابتدائياً وأصلياً كالصلاة والإزالة؛ وأمّا إذا كانالواجب واجباً إمضائياً، فلايجري فيه الترتّب؛ لأنّما التزم به المكلف إنمّا هو مطلقٌ مستلزم لترك الحج، وهذا غير قابل للإمضاء. 1وعلى هذا، فالنذر لايكون راجحاً، ولاينعقد هنا؛ وأمّا وجوب الحج، ففي مكانه من دون مزاحمة النذر.
وهنا موارد للنظر والنقد:
أولاً: لايخفى أنّه لو لم يكف مجرد الرجحانفي نفسه، ولابدّ من ملاحظة سائر الأُمور، فلازمه عدم انعقاد النذر فيما إذا تعلّق بما يستلزم تفويت ما هو أهم، كما إذا نذر أنيصلي في مسجد محلته؛ لأنّه يستلزم تفويت الصلاة في المسجد الجامع أو الحرم الشريف؛ وهذا مدفوع، لأنّالملاك في صحة النذر أنيكون الفعل المنذور قابلاًللإضافة إليه تعالى، والمستحب المستلزم لترك مستحب آخر أهم صالح للإضافة إليه تعالى؛ نعم، لو نذر ترك الراجح، لاينعقد النذر، كما إذا نذر ترك زيارة الحسين (ع) . 2ثانياً: أنّالقدر المتيقن من رجحانالمنذور كونه راجحاً بالذات حين النذر، والمفروض أنّه كذلك، والنهي التبعي عن المنذور (حيث إنّالأمر بالشيء - الحج - لايقتضي النهي عن ضده) لايوجب المرجوحية الذاتية، وإنّما هي مرجوحية عرضية، وهذه لاتجعل المحبوب مبغوضاً إلابالعرض، و تزاحمه مع واجب آخر لايسلب عنه الرجحانالذاتي، بل يجعلهما من مصاديق المتزاحِمَين، فيكون المرجع فيه هو مرجحات باب التزاحم.
إنّما أهمية الحج بالنسبة إلى النذر - لما ورد في موقعية الحج بما يقال لتارك الحج: مت يهودياً أو نصرانياً - معلوم، و لايليق بالشبهة، فيقدم الحج على النذر.
ثالثاً: أنّذكر بعض الأمثلة للنذر ليس في محله؛ لأنّعدم صحة النذر فيما إذا نذر قراءة القرآنمن أول طلوع الفجر إلى مطلع الشمس، أو السجدة الطويلة المستغرقة لوقت الصلاة في التعارض الواضح بين