61البدن، وتخلية السرب؛ وأمّا العذر الشرعي و العقلي أو أيّ شيء آخر لايعتبر من الاستطاعة، وليس لعدم المزاحمة بواجب آخر شأنفي الاستطاعة.
الأمر الثانى: أنّرجحانالنذر- المشروط به صحة النذر- يجب أنيكون مع قطع النظر عن النذر، ومع مزاحمة النذر للاستطاعة؛ فإذا غُضّ النظر عن النذر، يكون المنذور غير راجح؛ لأنّمؤدّاه ترك الحج، وإنّما يكون المنذور راجحاً بتوسط النذر الرافع للاستطاعة، ومثل هذا الرجحانلايكفي في صحة النذر، مثله يجري في وجوب حج الإسلام في الفرض، فإنّالاستطاعة المعتبرة في وجوب حج الإسلام يجب أنتكون حاصلة مع غضّ النظر عن وجوب الحج، وفي المقام إذا غُضّ النظر عن وجوب الحج ترتفع الاستطاعة بالنذر؛ وعلى هذا يكون الأخذ بأحد الحكمين رافعاً لموضوع الآخر، وترجيح الحج على وجوب الوفاء بالنذر بلامرجح، حتى بملاحظة كون وجوب الحج أهم؛ لأنّترجيح الأهم إنّما يكون في المتزاحَمين الواجد كل منهما لملاكه، ويكون تزاحمهما في مقام الامتثال، لافي المتواردين اللذين يكون كل منهما رافعاً لملاك الآخر، بل فيهما يتعيّن الرجوع إلى منشإ آخر للترجيح، وهو الأخذ بالسابق دون اللاحق تنزيلاًللعلل الشرعية منزلة العلل العقلية. 1وهذا غير تام؛ وذلك لأنّفيه:
أولاً: أنّالاستطاعة مع قطع النظر عن وجوب الحج متحققة، وهي عبارة عن استطاعة عرفية، والقدرة الشرعية لاتعتبر فيها بوجه.
أمّا الوفاء بالنذر فلايكون رافعاً لموضوع الاستطاعة أصلاً، إذ لميثبت حينئذٍ رجحانه مع قطع النظر عن أمر النذر، بل ثبت مرجوحيته لاستلزامه تفويت الواجب، وعند ذلك لايكون المقام من قبيل المتواردين، بل ولامتزاحِمَين، فإنّالمتزاحِمَين عبارة عن الأمرين الواجدين للملاك فيقدم الأهم، وأمّا المقام فالملاك لأحد الأمرين دون الآخر. 2ثانياً: أنّتنزيل العلل الشرعية منزلة العلل العقلية فاقد للدليل بعد كون الحكم في العلل العقلية مستنداً إلى العقل، وأمّا الدعوى أنّالحكم بالجمع بين الدليلين بالنحو المذكور إنّما هو العرف، فهي مدفوعة بعدم ثبوت حكم العرف بذلك كما لا يخفى. 3الأمر الثالث: كلّ من الحج والنذر، فيما نحن فيه، واجب لتمامية موضوعه.
أمّا الحج، فلكون موضوعه على ما هو التحقيق و المختار عبارة عن تحقق الاستطاعة العرفية، وهي تتمثل في توفر الزاد والراحلة وصحة البدن وتخلية السرب وسعة الوقت، وهنا قد تتحقق جميع هذه الشرائط في المفروض، ولميُشترط في وجوب الحج عدم مزاحمته لواجب آخر؛ فعلى هذا، فإنّالحج واجب بعد تحقق الشرائط، ولو كانمزاحماً لواجب آخر.