198مَنْ قُدِّر لهم المرور به؟
و معنى ( أذِّن. . ) الأذان: العلم، و أول وسائل العلم السماع بالأذن، و من الأذن اُخذ الأذان؛ أي: الإعلام، و من هذه المادة قوله تعالى: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ) 1أي: أعلم؛ لأن الأذن وسيلة السماع الأولى، و الخطاب المبدئي الذي نتعلَّم به؛ لذلك قبل أنْ تتكلَّم لابُدَّ أنْ تسمع.
و حينما أمرالله إبراهيم بالأذان لم يكُن حول البيت غير إبراهيم و ولده و زوجته، فلمَنْ يُؤذِّن؟ و مَنْ سيستمع في صحراء واسعة شاسعة، و واد غير مسكون؟ فناداه ربه: " يا إبراهيم عليك الأذان، و علينا البلاغ "؛ مهمتك أنْ ترفَع صوتك بالأذان، و علينا إيصال هذا النداء إلى كل الناس، في كل الزمان، و في كل المكان، سيسمعه البشر جميعاً، و هم في عالم الذَّرِّ، و في أصلاب آبائهم بقدرة اللهتعالى، الذي قال لنبيه محمد (ص) : ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ للَّهَ رَمىَ ) . 2يعني: أدِّ ماعليك، و اترك مافوق قدرتك لقدرة ربك؛ فأذَّنَ إبراهيم في الناس بالحج، و وصل النداء إلى البشر جميعاً، و إلى أن تقوم الساعة، فَمنْ أجاب و لَبَّى: لبيك اللهم لبيك، كُتِبَتْ له حجة، و مَنْ لبَّى مرتين كتِبت له حجَّتيْن و هكذا، لأن معنى لبيك: إجابةً لك بعد إجابة.
و يواصل كلامه: فإنْ قُلْتَ: إنّ مطالب الله و أوامره كثيرة، فلماذا أخذ الحج بالذات هذه المكانة؟ نقول: أركان الإسلام تبدأ بالشهادتين: لاإلهإلاالله، محمدرسولالله، ثم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصوم، ثم الحج، لو نظرتَ إلى هذه الأركان، لوجدتَ أن الحج هو الركن الوحيد الذي يجتهد المسلم في أدائه، و