181السماء بكل عطائها وكرمها ورحمتها، وجوائزها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت. . ، وستظل هذه الفريضة في ارتباطها بالبيت الحرام، وفي استجماعها لفرائض الإسلام، و في تعويدها المسلم الانخلاع من بلاده، و أرضه، و ماله، و أهله، و أصدقائه، و دنياه، نموذجاً عالياً للتّجرد لله سبحانه، و التضحية في سبيله بكل العلائق الأرضية الدنيوية.
إنّ الحج سياحة إيمانية، و رحلة مليئة بعناوين عديدة، أهمها توحيدالله عزوجل، و وحدة الصف و الهدف، و منافعها كثيرة، أولها حبّالله، و العشق الواسع لمقدساته، و البر و الإخلاص لعباده؛ و تذوق حلاوة الإيمانحتى يكون الله و رسوله أحبّ مما سواهما، و هذا الحبّ يجعل المسلم يتحمل الصعاب في سبيل الوصول إلى الله؛ لذلك ترى العاجزالمقعد يذهب للحج، و الأعمى يطوف بالبيت، و الأعرج و المريض يسعى بين الصفا و المروة، فحينما تمتلئ القلوب بحبّ الله و الإخلاصله، يهون كل شيء في سبيله تعالى.
و قد ذكر أن الأصمعي ذهب ذات سنة للحج، و رأى مُقعداً أثناء سيره ببلاد العراق فقال له الأصمعي: أيها الرجل من أين أنت؟ قال: من سمرقند، فقال له: أين تذهب؟ قال: إلى بيت الله الحرام لأحج، قال: فكم لك في الطريق؟ قال خمس سنين، فتعجب الأصمعي، و ضرب كفّاً بكفٍّ، فقال له الرجل: لِمَ تتعجَّب؟ ! فقال: أعجب من ضعف صحتك، و بدنك، و طول رحلتك، فردَّ عليه الرجل و قال: أمَّا ضعفُ بدني فمولاي يحمله، و أما طولرحلتي فالشوق يقربه، ثم أنشديقول: