92كثيراً مما روي عن أبي بن كعب هو من التفسير بالمأثور، فقد راح يفسّر الآيات بما روي عن رسول الله (ص) ومن أمثلة هذا النوع من التفسير، ما رواه في تفسير قوله تعالى: . . . لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى لتَّقْوَى. . . (25)
عن رسول الله (ص) أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى. فقال: «مسجدي هذا» (26)
التفسير بالاجتهاد
هناك روايات تفسيرية عن أبي بن كعب وموقوفة عليه، وهي قليلة جداً، ولأنها لم ترفع إلى رسول الله (ص) يمكن عدها من اجتهاده، ومن أمثلتها ما جاء في قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا لأَمَانَةَ عَلَى لسَّماواتِ وَلأَرْضِ وَلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا لإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (27)
فقد روى الطبري بسنده عن أبي بن كعب أنه قال: «من الأمانة أن المرأة أئتمنت على فرجها» . (28)
معرفة أبيّ بالقراءات:
لطالما أثبت حجية قراءته وصحتها بالقرآن الكريم، فقد ورد عنه أنه قرأ قوله تعالى: وَلسَّابِقُونَ لأَوَّلُونَ مِنَ لْمُهَاجِرِينَ وَلأَنْصَارِ وَلَّذِينَ تَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ للهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ (29)
وقد كان عمر بن الخطاب يقرأ: وَلسَّابِقُونَ لأَوَّلُونَ مِنَ لْمُهَاجِرِينَ وَلأَنْصَارِ وَلَّذِينَ تَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ بضم الأنصار وحذف حرف الواو من ( الذين) حتى أنه أنكر على رجل قرأها بقراءة أبي، ولما حضر أبي بن كعب، وسأله عمر، استدل أبي بعدة آيات على صحة قراءته قائلاً:
«وتصديق ذلك في أول الآية التي في أول الجمعة، وأوسط الحشر، وآخر الأنفال، أما أول الجمعة: وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، وأوسط الحشر: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنَ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإِيمَانِ ، وأما آخر الأنفال: والَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وجَاهَدُوا مَعَكُمْ فأُولَئِكَ مِنْكُمْ (30)
فقال عمر: إذن نتابع أبياً. (31)
معرفة أبيّ بأسباب النزول
كان كثير الاهتمام بأسباب النزول، ومن اهتمامه كان لا يتأخر إذا ما فاته شيء منها، ولا يتوقف عن السؤال عنها أبداً، حتى أنه سأل أنس بن مالك (93 ه) وكان خادم رسول الله (ص) عن سبب نزول الآية: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ. . . إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ عِندَ للهِ عَظِيماً (32)
فقد روى الطبري بسنده، عن أنس بن مالك أنه قال: «سألني أبيّ بن كعب عن الحجاب، فقلت: أنا أعلم الناس به، نزلت في شأن زينب، أولم النبي (ص) عليها بتمر وسويق، فنزلت: يأَيُّهَا لَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ لنَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى لنَّبِىَّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَللهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ لْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (33)
ولأبيّ بن كعب أيضاً
في قوله تعالى: وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ (34)
قال أبي: هو قول الرب تعالى ذكره.