84في المقابل، وجدنا في الوسط الشيعي موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت:، تختصّ بالفقه الشيعي، لكنها تنجز إلى جانب ذلك اليوم، ضمن فريق عمل، موسوعة الفقه المقارن أيضاً مستحضرةً المذاهب السنية، ووجدنا المشروع الذي أطلقه المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، وهو موسوعة الفقه المقارن التي صدر المجلد الأول منها، ويتوقع أن تزيد عن الستين مجلداً..
إنّنا نأمل أن يتنامى الفقه المقارن وتتعرف الأوساط ببعضها، سيما الوسط السني بالفقه الإمامي شبه المغيب فيه، وفي الحج تبدو هذه القضية بالغة الأهمية جداً، لأن الحج مركز تلاقي المسلمين جميعاً وقضاياهم وهمومهم هناك مشتركة، فيفترض أن يشكلوا لجاناً مشتركة من فقهاء المذاهب الثمانية كافة لتدارس كل مستجد في فقه الحج أو طارئ ينزل، بدل أن ينفرد هذا المذهب أو ذاك بهذه القضية، مع إعطاء الحق للدولة في أن تكون لها صلاحياتها الراجعة للتنظيم ورفع الفوضى والاضطراب و..
وفي هذه المناسبة نرى أن أيّ مشروع تريد الجهات المسؤولة في بلاد الحجاز إنجازه لخدمة الحجيج والزوار كإصلاح الجمرات وتوسعة المسعى ونحن نشكرها على ذلك يفترض أن يكون بالتشاور وضرب الآراء ببعضها وإشراك علماء وفقهاء المذاهب الأخرى في إبداء الرأي، بصرف النظر عن إلزامية هذه المشورة. . إن الاستفادة من آراء الآخرين لا تُعدم الإنسان نضج الأفكار وتنميتها. . ونحن لا نقصد أخذ رأي المذاهب غير السنية فقط، بل الأمر يشمل آراء المذاهب السنية الأخرى مثل الأحناف والشوافع والمالكية إلى جانب الزيدية والإسماعيلية والإمامية والإباضية. . خصوصاً إذا بلغ الموضوع حد أعمال الهدم والردم والتغيير الجغرافي في أماكن الحج والعمرة والزيارة.. . وفي ذلك تقارب المسلمين واستفادتهم من بعضهم. . وعلى علماء المذاهب الأخرى أن لا يبخلوا في تقديم كل مقترحاتهم للجهات المعنية سألتهم أم لم تسألهم فإن في ذلك للطرفين مصداق النصيحة وتبادل الرأي ومشاورة العقول وغير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال.
إن هذا الذي نطرحه لا يهدف سحب الإشراف من يد جهة معينة، حتّى لا يثير هذا الأمر قلق أحد؛ وإنّما نتحدّث في الجوانب العلمية والتقريبية بين المسلمين . . علّ ذلك يشكل مصداقاً لقوله تعالى: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا (آل عمران: 103)
كانت هذه بعض الملاحظات و المقترحات المدخلية المفتاحية في فقه الحج، أقدّمها بين يدي الفقهاء و الباحثين والأساتذة في هذا المجال، لترشيد عملنا إلى ما فيه الخير للإسلام و المسلمين إن شاءالله تعالى؛ ونكمّل بعض الأفكار الأخرى في الحلقة الثانية بعون الله سبحانه.