78وفي مجمع البيان : وهي أول آية نزلت في القتال 1 .
ومن هم الذين ينص القرآن على أنهم مظلومون؟
إنهم اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّٰ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّٰهُ 2 .
وفي الذين أخرجوا احتمالان كما يذكر صاحب مجمع البيان:
أخرجوا إلى المدينة فتكون الآية مدنية . ويحتمل إلى الحبشة فتكون الآية مكية، وذلك بأنهم تعرضوا لهم بالأذى حتى اضطروا إلى الخروج.. . لم يخرجوا من ديارهم إلا لقولهم: ربنا الله وحده، وقال أبو جعفر(ع) : نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد: الذين أخرجوا من ديارهم وأخيفوا. .
ثم يأتي الكلام عن سنّة التدافع التي شرعت للدفاع عن الحق وحفظ معالمه:
.. . وَ لَوْ لاٰ دَفْعُ اللّٰهِ النّٰاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوٰامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَوٰاتٌ وَ مَسٰاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللّٰهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللّٰهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللّٰهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ .
إن قوى الشر والضلال تعمل في هذه الأرض، والمعركة بين الخير والشر والهدى والضلال والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ أن خلق الله الإنسان. . والصوامع أماكن العبادة المنعزلة للرهبان والبيع للنصارى عامة وهي أوسع من الصوامع، والصلوات أماكن العبادة لليهود والمساجد أماكن العبادة للمسلمين، وهي كلها معرضة للهدم على قداستها وتخصيصها لعبادة الله لا يشفع لها في نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها، ولا يحميها إلا دفع الله الناس بعضهم ببعض أي دفع حماة العقيدة لأعدائها الذين ينتهكون حرمتها ويعتدون على أهلها 3. .
وبعد وَ لَيَنْصُرَنَّ اللّٰهُ مَنْ يَنْصُرُهُ هذا وعد من الله بأنه سينصر من ينصر دينه وشريعته إِنَّ اللّٰهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذي لا يتخلف يأتي لأهل الصلاح في الأرض اَلَّذِينَ إِنْ مَكَّنّٰاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقٰامُوا الصَّلاٰةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّٰهِ عٰاقِبَةُ الْأُمُورِ 4.
«والتمكين إعطاء ما يصح معه الفعل...» والقول لصاحب مجمع البيان.
فجهاد معسكر الإيمان يكون لأهداف سامية تتعلق برفع الظلم، وإحقاق الحق، وإصلاح الأرض . ولا يجوز أن يكون من أجل التسلط والاستضعاف .
أمّا خاتمة سورة الحج فهي الآية 78:
جٰاهِدُوا فِي اللّٰهِ حَقَّ جِهٰادِهِ هُوَ اجْتَبٰاكُمْ وَ مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰاهِيمَ هُوَ سَمّٰاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هٰذٰا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَدٰاءَ عَلَى النّٰاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاٰةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللّٰهِ هُوَ مَوْلاٰكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلىٰ وَ نِعْمَ النَّصِيرُ .
لقد جاءت آيات الجهاد في السورة بعد آيات الحج لأن الحج تدريب أساسي وقاس على الجهاد في سبيل الله، لأنه عبارة عن حركة شاقة وانتقال من مكان إلى آخر، والحاج كالمجاهد تماماً كثير الارتحال بين الأماكن والمناسك دون أن يعرف الاستقرار، وفي هذا تعب ومشقة والتزام بأوقات ومشاعر أمر بها الله تعالى وعلمنا إياها رسولنا الكريم(ص) ..
وختاماً إن من يريد أداء هذه الفريضة العظيمة، أو على الأقل العمرة، عليه أن يعدّ نفسه ويربيها على المعاني التي أتت في هذه السورة الكريمة . وأن يقرأ سورة الحج بنية من يريد أن يستفيد من دروس الحج ومعانيه، حتى لو لم تتح له الفرصة بعد .
وتلك هي ملامح قراءة بعض آيات هذه السورة المباركة وارتباطها ببعضها وبأنشطة فريضة الحج المعطاء .