43هجوماً نقدياً جاداً، ووقف الجميع على اشتباهاته وأخطائه.
لكن، ومرةً أخرى، جدّدت هذه المدرسة بعد عدة قرون، عام 1160ه- على يد محمد بن عبدالوهاب، وتمكنت من بسط نفوذها على قطرٍ معين من أقطار المسلمين، والسرّ في هذا الأمر حرمان مسقط رأسه عن حواضر العلم والمعرفة، فقد كان سكان منطقته من أبناء الصحراء وأهل البادية، لذا وقعوا في خداع كلماته التي كانت تبدو في ظاهرها جميلة رشيقة، فأعلنوه حاملاً للواء التوحيد.
في هذه الأثناء، كتبت ضدّه ردود مفصّلة في بلاد نجد والحجاز وسوريا والعراق، وقلّصت من نفوذه وتناميه، لكن مدرسته استطاعت بعد الحرب العالمية الأولى - بالتعاون والاتفاق مع الامبريالية العالمية - أن تطيح بحكومة الأشراف في مكة والمدينة، وهي حكومة استمرّت قرابة الألف عام، ليتسلط أنصاره على الحرمين الشريفين، وفي هذه الفترة شهدت سياسته صعوداً وهبوطاً، فكانوا يظهرون الرفق والعاطفة حيناً وأخرى يردون الميدان بالخشونة والعنف.
وفي السنتين الأخيرتين، بلغت خشونة الوهابية حدّها الأعلى، فأهانت الزوار، فحوّلت المقبرة التي يفترض بها أن تكون محيطاً هادئاً لقراءة الفاتحة والقرآن وزيارة أولياء الله الإلهيين وأنصار رسول الله(ص) وأصحابه، إلى مركز للدعوة إلى الوهابية، دعوة من طرف واحد بحيث لو أجاب أحد أو ناقش يجازى ويعتقل ويضرب ويشتم، أفهل يتّبع هؤلاء السلفَ وسيرتهم؟! حاشا أن يكون السلف كذلك؟ فأحمد بن حنبل (186241ه) غسل قميص الشافعي (204ه) عندما مات وأخذ