77وفي صحيح علي بن يقطين: على الجاهل إعادة الحجّ» 1.
ثمّ قال: وحكم البعض المقضي من طواف النساء حكم طواف النساء في عدم وجوب العود إذا رجع إلى بلده، وفي التهذيب: يجب العود... والأشهر جواز الاستنابة للقادر» 2. انتهى.
وقال الشيخ علي في حاشية الشرائع: «إنّ الركن ما عدا طواف النساء وأنّ الجاهل في غيره كالعامد. وعليه بُدنة لصحيحة عليّ بن جعفر عن أبي الحسن(ع). قال في الدروس: «وفي وجوب هذه البدنة على العالم نظر من الأولوية» انتهى 3.
أي وفي خصوص النص بالجاهل، والظاهر أنَّ الصحيحة صحيحة علي بن يقطين لا عليّ بن جعفر.
وقال أيضاً في طواف النساء: «ولو تعمّد تركه وجب الرجوع له صرّح به في الدروس، وكذا لو تركه جاهلاً بوجوبه فإنّ الجاهل عامد، وجواز الاستنابة إنّما ورد في الناسي، فيبقى ما عداه على حكم الوجوب» انتهى 4.
وقد علمت وروده في الجاهل أيضاً كما تقدّم.
وقال في حاشيته على القواعد: «الجاهل كالعامد وعليه بدنة لصحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن(ع)، ثمّ ذكر كلام الدروس، والظاهر أنّ الصحيحة صحيحة عليّ بن يقطين» 5.
والعجب من الشيخ علي والشيخ زين الدِّين والعلاّمة في المنتهى في موضعين في استدلالهم على كون الجاهل كالعامد في الطواف ووجوب البدنة لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن(ع).
وصحيحة علي بن جعفر هذه قال: سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتّى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع؟ قال: يبعث بهدي إن كان تركه في حج بعث به في حج، وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة، ووكّل من يطوف عنه ما ترك من طوافه 6.
وأين هذه من الدلالة على أنّ الجاهل في الطواف كالعامد؟!
نعم صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن(ع) وهي ما ذكرناه قال: سألت أبا الحسن(ع) عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة؟ قال: إن كان على وجه جهالة في الحجّ أعاد وعليه بدنة 7.
فكلّ هؤلاء وهموا وهو عجيب منهم.
قال في المنتقى 8 بعد ذكر صحيحة علي بن يقطين وصحيحة علي بن جعفر: «قلت: ذكر الشيخ في الكتابين أنّ هذا الخبر - أي صحيحة علي بن جعفر - محمول على إرادة طواف النساء فإنّه الذي يجوز فيه الاستنابة لا طواف الحجّ، وأراد بذلك دفع التنافي بينه وبين صحيحة عليّ بن يقطين وخبر ابن أبي حمزة السابق.
ويرد على ما ذكره الشيخ أنّ الخبر الذي أوّله (مفروض) 9 في نسيان الطواف والخبران الآخران وردا في حكم الجهل، فأي تناف يدعو إلى الجمع ويحوج إلى الخروج عن الظاهر من اللفظ مع كونه متناولاً بعمومه - المستفاد من ترك الاستفصال - لطوافي العمرة والحجّ وطواف النساء.
وقد اتّفق في الاستبصار جعل عنوان الباب نسيان طواف الحجّ وإيراد هذه الأخبار الثلاثة فيه، مع أنّ تأويله لحديث علي بن جعفر يخرجه عن مضمون العنوان، وليس في غيره تعرّض للنسيان فيخلو الباب من حديث يطابق عنوانه.
وفي التهذيب أورد الثلاثة في الاحتجاج لما حكاه من كلام المقنعة في حكم من نسي طواف الحجّ وأنّ عليه بدنة ويعيد الحجّ. وفي ذلك من القصور والغرابة ما لا يخفى.
والجواب أنّ مبنى نظر الشيخ في هذا المقام على أنّ الجهل والنسيان فيه سواء، وتقريب القول في ذلك أنّ وجوب إعادة الحجّ على الجاهل يقتضي مثله في الناسي، إمّا لمفهوم الموافقة لشهادة الاعتبار بأنّ التقصير في مثل هذا النسيان أقوى منه في الجهل؛ أو لأنّ أعذار كلّ منهما على خلاف الأصل؛ لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه فيبقى في العهدة، ولا يصار إلى الأعذار إلاّ عن دليل واضح.
وقد جاء الخبران على وفق مقتضى الأصل في صورة الجهل، فتزداد الحاجة في العمل بخلافه في صورة النسيان إلى وضوح الدليل. والتتبّع والاستقراء يشهدان بانحصار دليله في حديث علي بن جعفر وجهة العموم ضعيفة، واحتمال العهد الخارجي ليس بذلك البعيد عنه.
وفي ذكر مواقعة النساء نوع إيماء إليه، فأين الدليل الواضح الصالح لأن يعول عليه في إثبات هذا الحكم المخالف للأصل، والظاهر المحوج إلى التفرقة بين الأشباه والنظائر، والوجه في إيثار ذكر النسيان والإعراض عن التعرّض للجهل بعد ما عُلم من كونه مورد النصّ زيادة الاهتمام ببيان الاختلاف بين طواف الحجّ وطواف النساء في هذا الحكم، ودفع توهّم الاشتراك فيه.