76المعنى أقرب ممّا هو المفهوم منه أوّلاً؛ لأنّ «عقد ذلك شوطاً» وجهه ظاهر، بخلاف استقبال الحِجْر فقط مع التكبير فإنّه كيف يجعل ذلك شوطاً أو يعقده شوطاً. وعلى ذلك فيكون نصّاً في الباب أيضاً. وفي الاستنابة اختيار كما لا يخفى.
وحينئذ الاستدلال بها - على أن من بعَّض من الطواف شوطاً يُتمّ ما لم يأت به، وإن لم يكن بطريق الاختصار كما فعله كثير منهم - لا يخلو عن إشكال.
والسيّد في الشرح قد استدلّ بهذه الرواية على إعادة الشوط فقط على من اختصر طوافه بدخوله في الحِجْر كما علمته 1.
فإن كان ذلك بناءً على الاحتمال الذي ذكرناه فوجه الاستدلال ظاهر، وإن كان بناءً على المعنى الأصل فيستدلّ به بطريق أولى؛ لأنّه إذا كان مع ترك شوط إنّما يجب إعادته، فمع نقص بعضه يجري إعادته بطريق أولى، أو بظنّ أنّه يجزي إتمامه ذلك الشوط من موضع الاختصار فقط.
واستدلّ بها أيضاً وبما رواه ابن بابويه في الصحيح والكليني في الحسن عن معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله(ع)على وجوب البدأة بالحجر والختم به في أصل الطواف.
وفيه شيء فإنَّ رواية ابن عمّار، إنّما يدلّ على أنّ الشوط الفائت بالاختصار يجب أن يكون ابتداؤه من الحَجَر وانتهاؤه به، والرواية المذكورة إنّما دلّت على إعادة شوط ولم تبيّن المبدأ أو المنتهى سيما على الاحتمال.
اللّهمَّ إلاّ أن يقال: إنّ رواية عمّار إنّ أريد فيها المُعَاد الطواف لا الشوط، فدلالتها ظاهرة، وإن اريد الشوط دلّت أيضاً؛ لأنّه إذا علم ابتداء شوط وانتهاؤه علم ابتداء الطواف وانتهاؤه، والرواية تدلّ باعتباره معناها الأصل باعتبار الاستقبال للحَجَر والتكبير على الابتداء، وإذا دلّت على الابتداء عُلِمَ منه الانتهاء كما لا يخفى.
وفي المنتقى أورد رواية ابن عطية في (صحيحه) وقال: وأورد الصدوق 2 هذا الحديث في كتابه عن الحسن بن عطية ولم يذكر طريقه إليه في أسانيد الكتاب.
ورواه الكليني في الحسن 3 بطريق عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، وفي روايتيهما، «وكيف يطوف ستّة أشواط» 4.
وقال في المنتهى: «ويجب أن يبتدئ من الركن الذي فيه الحَجَر ويختم به؛ لما رواه الجمهور عن جابر أنّ النبيّ(ص) بدأ بالحَجَر فاستلمه وفاضت عيناه من البكاء.
ومن طريق الخاصّة ما رواه معاوية بن عمّار... إلى آخره» 5.
ويأتي عليه بعض ما علمت والجواب الجواب.
ثمّ قال: ثمّ يطوف سبعة أشواط واجباً وهو قول العلماء، فلو طاف دون السبعة لزمه إتمامها ولا يحلّ له ما حرم عليه حتّى يأتي ببقيّة الطواف، ولو كان خطوة واحدة. وبه قال الشافعي ومالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: إذا طاف أربع طوافات فإن كان بمكّة لزمه إتمام الطواف وإلاّ جبرها بدم.
لنا: أنّه(ص) طاف سبعاً، وقال: خذوا عنّي مناسككم.
ومن طريق الخاصّة ما رواه الشيخ - في الصحيح - [عن الحلبي] عن أبي عبدالله(ع)قال: قلت له: الرجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحجّ؟ قال: يعيد ذلك الشوط....
وعن الحسن بن عطيّة... إلى آخره، انتهى 6.
وقد علمت ما فيه من تغيير الحِجْر بالحجّ ولعلّه من قلم الناسخ.
وقال في التهذيب: «ومن طاف بالبيت ستّة أشواط وانصرف فليضف إليه شوطاً آخر ولا شيء عليه فإن لم يذكر حتّى رجع إلى أهله يأمر من يطوف عنه. روى ذلك ثمّ ذكر رواية الحلبي عن أبي عبدالله(ع)، ورواية ابن عطية» 7.
ولا يخفى ما في الاستدلال بهما على مطلوبه.
إذا عرفت ذلك فلنذكر بعض عبارات الفقهاء الصريحة في كون الجهل في الطواف كالعمد.
قال في الدروس: «كلّ طواف واجب ركن إلاّ طواف النساء فلو تركه عمداً بطل نسكه وإن كان جاهلاً».