5
توسعة المسعى
الشيخ جعفرالسبحاني
قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اللّٰهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ . 1
السعي أحد أركان العمرة والحج؛ فعلى المعتمر أو الحاج إذا فرغ من الطواف إتيان المسعى والسعي فيه على سبعة أشواط مبتدأً من الصفا ومختتماً بالمروة.
إنّ الصفا والمروة جبلان معروفان، فالصفا جزء من جبل أبي قبيس والمروة جزء من جبل قعيقعان 2.
وقد خص الله سبحانه المبدأ والمنتهى بعلامتين طبيعيّتين غير متغيرتين عبر العصور والقرون لكي لا يطرأ التغير على تلك الفريضة، من جهة المبدأ والمنتهى.
ذكر الفاسي أن طول المسعى (أربعمائة وخمسة أمتار) وعرضه (في بعض المواضع عشرة أمتار وفي البعض الآخر اثنا عشر متراً) 3، هذا ما ذكره الفاسي (832ه) حسب ما نقله عنه رفعت باشا في كتابه «مرآة الحرمين» والذي زار مكّة بين عام 1318 - 1321ه- مرّة بعد أُخرى. وأمّا في الوقت الحاضر فإن عرضه يبلغ 20 متراً ويبلغ طوله من الداخل 394/5 متراً، وأمّا ارتفاع الطبقة الأولى فهو 12 متراً والطبقة الثانية 9 أمتار، ولعل الاختلاف في العرض نشأ بسبب إزالة المحلات والبيوت التي كانت موجودةً على الجانب الشرقي للمسعى، والتي كنت قد شاهدتها مقفلةً أيام موسم الحج عند تشرفنا بزيارة بيت الله الحرام عام 1375ه- .
لا شكّ أنّه لم يطرأ على المسعى أيّ تطوّر في جانب الطول لما عرفت من أن الجبلين الشامخين ثابتان في مكانهما، إنّما الكلام في جانب العرض فهل المسعى في عصر الرسول كان محدوداً بهذا العرض المعيّن أو كان أوسع من الموجود حالياً؟
وهذا ما يطلب لنفسه التتبّع الواسع وجمع القرائن على دعم أحد الاحتمالين، خصوصاً أن الحجاج لم يزالوا على تزايد واحتشاد، فتسهيل الأمر من جانب وبيان الحكم الشرعي من جانب آخر يستدعيان البحث والتتبع والتحقيق في ذلك.
فلنذكر ما وقفنا عليه من خصوصيات المسعى في العصور السابقة، فهذا هو أبو الوليد محمّد بن عبدالله بن أحمد الأزرقي (المتوفّى بعد عام 223ه- ) يشرح لنا كيفية المسعى في ذلك العصر:
1 - ذُرع ما بين الركن الأسود إلى الصفا فصار 262 ذراعاً و18 إصبعاً.
2 - ذُرع ما بين المقام إلى باب المسجد الذي يخرج منه إلى الصفا فكان 164/5 ذراعاً.