72من عمر ، ثم التكلّم في توجيه ذلك وكونه مخالفة في الصورة أو في الباطن والحقيقة؛ وإلّا فلو فتح لابن حمدان وأمثاله المجال في قدح من نقل عن عمر مخالفاته لرسولاللّٰه صلى الله عليه و آله وسيرته وأقواله - أمثال تحريم المتعتين خلافاً لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وغير ذلك - لقضوا على كل سادات أهل السنّة وعظمائهم ولأتوا على جذور المذهب وأصوله وأساسه؛ والحكم إليك!
إن قلت : ألم يقدح المعلّمي في الأزرقي بل الفاكهي ممن رووا روايات تنافي مقالته؛ فابن حمدان أيضاً إنما قدح في رواة ما ينافي مقالته فهذه واحدة بواحدة .
قلت : فرق بين القدحين ، فإن القدح في مثل الأزرقي لا يبطل أصل المذهب وأساسه ، وهذا بخلاف القدح فيمن قدح فيه ابن حمدان .
ثم إنّي لا أظن أن المعلّمي وآل الشيخ وغيرهما من علماء السنّة لا يهمهم الحفاظ على كرامة الخليفة عمر وصونه من أن يناله شبهة مخالفة الرسول؛ ولكن الذي حدا بهم إلى الالتزام بأن عمر هو الذي حوّل المقام إلى موضعه الفعلي خلافاً لما فعله رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أمران؛ والعمدة منهما واحد .
والأمران هما :
الأمر الأول: ثبوت الشواهد القطعيّة من التاريخ والنصوص على ذلك بحيث لا يبقىٰ للمنصف شك في هذا المجال . وهذا الأمر وإن كان ثابتاً؛ ولكنه لا يستدعي الاعتراف؛ فكم له من نظير لا يعترف به .
والأمر الثاني - وهو الّذي حمل المعلّمي وآل الشيخ ويحمل غيرهما أيضاً على الاعتراف بأن تحويل المقام هو فعل عمر خلافاً لما كان المقام عليه في عهد النبي صلى الله عليه و آله - هو : ما يبتغونه من وراء ذلك وهو تجويز التحويل في المقام مرّة اخرىٰ ، تسهيلاً للأمر على الحكّام المتولّين لأمر بيت اللّٰه وتعبيداً للطريق لهم ، وأنه ليس تحويل المقام أمراً بدعاً ، بعدما فعله عمر ، ولا شيئاً جديداً بعد ما باشره الخليفة .
ولمّا لم يكن الأمر في ذلك يتم إلّا بالاعتراف بكون المقام في عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله