185مدنها خلال تلك العصور وأعاد بناءها بعدها هي الكنيسة .
وكان الإسلام بنّاءً للمدن أيضاً ، فالمسجد أوّل ما يقام في المدينة الإسلاميّة الجديدة(الفسطاط - العسكر - القطائع . . .)، وتحوّل اسم يثرب بعد الإسلام إلى المدينة .
وفي العصر الحديث ، يمكن أن نلمس الأثر المدني للدين أيضاً ، ففي أمريكا الجنوبية ، وفي الأقصاع الشبه قطبية ، أقيمت المساكن حول الكنائس ، حيث يتردد عليها أصحابها مرّة كلّ أسبوع ،(مدن الآحاد Villes des Dimanches ).
وهكذا في كل العصور ، كانت فترات النشاط المدني هي الانتفاض الديني ، وعلى العكس كانت المناطق التي تأخرت كثيراً في حياة المدن هي التي تأخرت في التطور الديني ، كالبربر القدماء والجرمان واليابان 1.
ومكّة المكرّمة مدينة دينية وتجاريّة منذ أقدم العصور ، فقد حظيت بأوّل بيت وضع للناس ، وهي على الطريق الرئيسي بين اليمن والشام ، ممّا أكسبها خصائص ومميزات لا تنافسها فيها مدينة أخرىٰ في شبه جزيرة العرب ، لذلك نزلت مكّة قبائل عديدة استقرّت حول البيت الحرام الذي تفجّر إلىٰ جواره بئر زمزم كمورد دائم للشرب في وادٍ مقفر غير ذي زرع .
ولقد عوّض البيت العتيق مكّة هذا النقص في الموارد الاقتصادية ، فأصبحت مركزاً هامّاً للحياة الدينية والتجارية في الجزيرة والعالم الإسلامي فيما بعد ، ونعم سكانها بالأمن والحياة المستقرة .
ولمكّة أسماء كثيرة : بكة ، والباسّة ، وأم القرى ، وصلاح ، وأم الرحم ، والحاطمة . ويقال : إن بكة موضع البيت ، ومكّة هي الحرم كله 2. وهي أم القرى ؛ لأن كل ما حولها أتباع لها ، وقد أعلن أحد العلماء أن مكة مركز اليابسة في الكرة