181وجمعها على الدين الإسلامي الحنيف كما نرى .
فقد التقى بستة من الخزرج ، وتحدّث معهم ، وسمعوا منه معاني الدين الجديد ، ومبادءه القيمة ، ومعالمه ، ثم قال بعضهم لبعض:«هذا واللّٰه النبي الذي تتوعّدكم به اليهود».
كان اليهود يطلبون الفتح عليهم ، بنبي يخرج بين عير واحد:
«وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّٰه على الكافرين» 1
ثم قالوا له:«إن بين قومنا شراً ، وعسى اللّٰه أن يجمعهم بك ، فإن اجتمعوا عليك ، فلا رجل أعز منك».
وصاروا رسلاً للدين الجديد ، يحدّثون قومهم بما فتح اللّٰه عليهم عن الدين الجديد ، والنبي الجديد الذي كانوا به يحلمون ؛ وما إن حلّ العام المقبل حتى أتى منهم اثنا عشر رجلاً من سادة الأوس والخزرج ، ورسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ينتظرهم في العقبة ، فكانت البيعة الأولى ، وانتدب شاباً إنه مصعب بن عمير بن هاشم يعلمهم الدين وأحكامه:«إذهب يا مصعب على بركة اللّٰه».
ومصعب هذا المملوء إيماناً ، و حيوية ، ونشاطاً ، وهجر حياته الناعمة المترفة بفضل ما عليه والداه من غنى وترف ، هجر ذلك كله ، والتحق بركب الصالحين المؤمنين ، وكانت أولى المهمات أن كلّفه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بأن يكون مبعوثه إلى يثرب ، ويكون داعيةً لمهمة رسالية ، أدّاها على خير وجه . . . إلى أن اختارته السماء شهيداً في معركة أحد ، ورسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وقف على قبره يرثيه:«لقد رأيتك بمكة وما أحد أرقّ منك حلة ، ولا أحسن لمة ، ثم أنت أشعث الرأس في بردة!». في أجواء من العداء التاريخي المرير بين قبيلتي الأوس والخزرج ، يقف مصعب يؤدي رسالته ، وهو يعلم جيداً أنّ تاريخاً مليئاً بالحروب والدماء والثارات ، لا يمكن أن ينسى ،