88كفاية رمي الزائد عن المقدار المحدد ؛ فتكون الجمرة كجهة القبلة التي تكون الصلاة إليها ويصدق ذلك حتى مع طول صفّ المصلين أضعاف عرض الكعبة المشرفة .
فلو فرض أن موقع الشيطان حينما رماه إبراهيم كان مقدار ذراع معين ، لكن رمي تلك الجهة لا يتعين بحدّ ذاك الذراع .
وأمّا إذا قلنا بأن الجمرة التي لا يكفي إلّا رميها هي الموقع المحدود بمثل الذراع ونحوه لا جهتها ، وبعبارة اخرى: الجمرة هي موقف الشيطان حينما رماه إبراهيم ، فيتردد الموقع سعة وضيقاً بمقدار جرم الشيطان عرضاً وطولاً ؛ ولا يجزي إلّا رمي شيءٍ من هذا المقدار من المكان أو البناية المبنيّة في هذا الحدّ ، فيدخل حينئذٍ في محلّ البحث ويكون من الشبهة المفهوميّة .
ومن صغريات البحث ، ما لو كان الطائف غير متمكّن من التخلف عن الطائفين ؛ لشدة الزحام ؛ فتكون حركته في الطواف خارجة عن اختياره فعلاً ؛ فلو شك في استناد الطواف في الفرض إلى المكلّف لكونه مختاراً في مبدأ الطواف وفي جعل نفسه معرض الحركة حول البيت - ولو بدفع الناس له - كان داخلاً في محلّ البحث .
ذلك أنه لا ريب في لزوم استناد الفعل المأمور به إلى المكلّف في صدق الامتثال بلا فرق بين التعبدي والتوصّلي ؛ فما لم يصدق صلاة زيد لا يتحقق امتثال الأمر المتوجه إلى زيد ، فلذا لا تجزي الصلاة عن زيد بدليل الإطلاق لا بدليل الأصل العملي ؛ فلو احتمل كفاية الصلاة عنه مكان صلاته المأمور بها ، لم تجز ؛ وذلك لظهور الأمر في انحصار مصداق الامتثال في الفعل المنتسب إلى المكلّف نفسه ؛ ولا يتحقق الانتساب في النيابة عنه في الصلاة .
نعم ، هناك امور لا يشترط في نسبتها إلى الشخص مباشرته لها ؛ كجملة من الاُمور الاعتبارية كالمعاملات من بيع وغيره ؛ وهذا خارج عن محل الكلام ؛ فإن الكلام في الاُمور التي لا تستند إلى شخص بدون مباشرته لها .