79في تلك المناطق أثناء إقامته ، تكون إقامته من موارد اشتباه انطباق عنوان الإقامة عشراً في بلد ؛ والشبهة مفهومية لا مصداقية ؛ فإنه فرق بين ما فرضناه وبين ما إذا كان قاصد الإقامة أعمى ولا يدرى أن محل إقامته وموارد تردده هو ثنايا البيوت أو في القرى الخارجة عن البلد فإن هذا - الثاني - شبهة مصداقيّة .
وكيف كان ، فالمرجع مع اشتباه المفهوم هو عمومات التقصير على المسافر بعد انطباق العنوان على قاصد الإقامة جزماً ؛ فإن قصد الإقامة لا يخرجه عن عنوان المسافر ؛ وإنما خص المسافر بعد قاصد الإقامة ، حكماً لا موضوعاً ؛ فإذا كان المخصص مجملاً كان المرجع هو العموم حيث يكون . وهذا معنى ما نبهنا عليه من كون الرجوع إلى أصل البراءة أو الاحتياط في الشبهات المفهوميّة حيث لا يكون هناك أصل لفظي كالعموم .
النقطة التاسعة: لا فرق في الجهة المبحوثة في مقتضى الأصل العملي في الشبهات المفهومية للامتثال بين الواجبات والمحرّمات .
فكما يقع البحث في الشك في تحقق الإحرام وامتثال الأمر به لمناسك الحج ، كذلك يقع البحث في الشك في تحقق الإحرام من جهة حرمة دخول مكة أو الحرم بدون إحرام . فلو قيل مثلاً بأصل البراءة في الشبهات المفهوميّة لامتثال الواجب ، أمكن القول بذلك في الشبهة المفهومية لدخول مكة بدون إحرام ؛ فيقال: المتيقّن حرمته هو الدخول بدون الإحرام من منطقة الشجرة ولو خارج المسجد ، وأمّا معه فلا يقين بحرمة دخول مكّة ؛ والأصل عدمها .
كما أنه لو قيل بالاحتياط في أصل المسألة أمكن القول به في فرض اشتباه الحرمة ؛ بدعوى علم المكلّف بحرمة دخول مكة عليه واشتغال ذمّته بها ؛ وإنما الشك في سقوط الحرمة بمجرد الإحرام من خارج المسجد ، فينبغي الاقتصار في رفع اليد عن التكليف المحتوم على فرض اليقين بسقوطه .
وبالجملة: ملاك الأصل العملي من براءة أو احتياط في الموردين واحد .