36الهدي؛ فإنه لا إشعار البتة في التلبية بكونه محرماً . لا بحقيقة ولا بمجاز . فلم يبق إلا أن يكون فرض الحج عبارة عن النية ، وفرض الحج موجب لانعقاد الحج؛ بدليل قوله تعالى : [فَلاٰ رَفَثَ] ، فوجب أن تكون النية كافية في انعقاد الحج .
الحجة الثانية : ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام : «وإنما لكل امرئ ما نوى» .
الحجة الثالثة : القياس وهو أن ابتداء الحج كف عن المحظورات ، فيصح الشروع فيه بالنية كالصوم .
وأما حجة أبي حنيفة كما يذكر الرازي فهي وجهان :
الأول : ما روى أبو منصور الماتريدي في تفسيره عن عائشة أنها قالت : لا يحرم إلا أهلّ أو لبّى .
الثاني : إن الحج عبادة لها تحليل وتحريم ، فلا يشرع فيه إلّا بنفس النية كالصلاة 1 .
أما الإمامية : فإن المراد عندهم من [فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ] ألزم نفسه به بإيقاع النية والتلبيات الأربع للمتمتع والمفرد . وأما القارن وهو أن يقرن بإحرامه سياق الهدي ، فمخير بين أن يعقد إحرامه بإشعاره أو تقليده وإن شاء بالتلبية . أو أوجب على نفسه - كما يقول المقدس الأردبيلي في زبدة البيان - الحج مطلقاً حج التمتع وغيره بحيث صار واجباً فعله وشغله وإتمامه ، وحرم عليه محرمات الإحرام بالتلبية مطلقاً أو بالإشعار أو بالتقليد أيضاً إذا كان سائقاً ، كما دلت عليه صحيحة أو حسنة معاوية في قوله تعالى : [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ] :
«الفرض بالتلبية والإشعار والتقليد ، فأي ذلك فعل فقد فرض الحج . . .» . فدلت على ركنية التلبية في الجملة وأن الإحرام لا ينعقد إلّا بها .
ثم يواصل حديثه قائلاً : فخلاف البعض في انعقاده بدونها وأنها ليس بركن كما نقلناه عن الدروس وقاله في مجمع البيان ، لا يعتد به .