288السلوكية عبارة عن سيل غير منقطع من النوايا البنّاءة التي تبتكر الأسلوب الإلهي للاجتماع ، بمعنىٰ أن نتعرف علىٰ أقرب الخطوط التي يتهاتف على طرفيه مخلوق وخالقه . وهنا تنشأ ضرورة تغليف وترميز المناسك بالنوايا المتعددة ، نظراً لكون الحج أكبر مسامحة عبادية تموّن الحاج بمسلسل من الحركات واللقاءات والمواجهات ، هنا تتجسد لنا مفاعيل النية على السطح وفي العمق . . وكذلك مفعول القرب والدنوّ . . . والتقارب ، والحكمة من التقارب هي المقارنة والمقايسة والمراجعة والاجتهاد في المزيد والتزوّد من حالات الدنوّ ، بحيث يكون النموذج هذا في أفق المراجعة التفصيلية مستتراً لسلوكه ، وهذا ما يجعله صفياً ومختاراً من قبل اللّٰه - سبحانه - .
فالنية تتركب من صيغة وطرفين وأداء (مناسك) ، المثال هو ما يكشفه القرآن ويثبته على شكل دالة تاريخية لا غبار عليها : [وَ اتَّخَذَ اللّٰهُ إِبْرٰاهِيمَ خَلِيلاً] 1 ، فكان إبراهيم المثل الصادق . جدُّ صحيح ، أن بين الأخلّاء تتجلىٰ ظاهرة الحبّ المقدس والمناجاة والمكاشفة في الأسرار ، وبثَّ الحزن والشكوىٰ والامتثال القلبي لمقاصد الخل . . . والانفعال بالتلويح والإشارة ، غير أن هذه «الخلّة» يجب أن تكون من جهة العبد مستوعبة لكل المشاعر الإنسانية ، وأن يصبح الممثل والمقطع البشري الحيّ الذي ينبض بالهموم والتطلعات والطموحات والتوقدات المتوهجة التي يعزُّ التفكير بها ، ومن ثم التعبير عنها عند غالبية الناس .
ليس بإمكان العبقرية البيانية لدى الإنسان أن تقيس مستوى التقارب بين اللّٰه سبحانه وبين خليله إبراهيم عليه السلام بمقاساة علمية ، أو مأخوذة من ما ألفه البشر من تقييم .
في الإتجاه نفسه يصعب استكناه نوع الحب بين أي خليلين صادقين من الناس ، فالحب من القضايا التي تُدرك ولا توصف ، إلّا أن هذا لا يمنع من تسقّط