284ويكتشف قوته ومن أي الكائنات القابلة والجديرة باللقيا والحضور ، فهي تعلمنا كيف نحصل على دورة كاملة للمسيرة العبادية والسلوك الروحاني والمعنوي للإنسان ، خروجاً من مختنق الذات وعبادتها ، وصولاً إلى التقرّب الى اللّٰه ونبذ متعلقات النفس المادية والالتحاق بمقام الربّ والركون إلى دار الكبرياء» 1 .
النية/القربىٰ معاملان يغطيان الساحة الكبرىٰ للمناسك بحيث يدفعان الفعل المناسكي نحو صورة غير مرئية . . . ويعبئانه بكل قوة ويبدعان في كل مجهودات الإنسان الخيّرة ويحصنان الإنجاز العبادي السنوي من ضغوطات الواقع وتهميشاته حين تحاول المناسك أن تسترد شكلها وترتيبها الطبيعي .
الضوء الثالث : عوالم القُربىٰ في الحجّ
كلما يزحف الإنسان باتجاه المواقيت فإن الخط العمودي للمكان يتقلص ويُختصر حتىٰ يصادف لحظة الانقلاب في عمق الميقات ، بَيْدَ أن للزمان خطاً موازياً مع المكان ، وللمكان صورة أخرىٰ غير المرئية في الطبيعة ، هذه الصورة تنفجر وتأخذ بالاتساع بعد الإحرام والتلبية ، تتكوّر الخطوط والمساحات على شكل دائرة بالأصل مقسمة إلىٰ دار الإسلام وأخرىٰ إلى دار الكفر ، والفكرة من هذا التقسيم الإسلامي الفقهي هي أن الأرض وما عليها ملك لأمة التوحيد أصالةً .
دار الإسلام تنقسم إلى دار الجزيرة العربية والحرم المكي والبيت الحرام ، إن هذه الدوائر ليس بإمكان الرؤية العلمية أن تبررها بوضوح ما لم يقف العلم إلى جنب التشريع والتعبّد .
الزمان والمكان في الحج يتجردان عن أغلب خصوصياتهما الطبيعية فيكونان في مجال الرؤية الإلهية المبدعة ، ولذلك يجب تصويب الرؤية والانتباه أثناء عمل المناسك... إنما هما إلهيان؛ لأن للحاج اسراءاً ومعراجاً . المخرج الوحيد لهذين