283أو بعبارة أخرىٰ : ما الذي يزود الشعور بأن ما يقوم به الحاج ينطلق ويصبّ بالوحدة؟ ، والجواب هو النية ثالثة ، ولكن بلحاظ «القربىٰ» فكأن للنية نيّة ، ونيتها «القربىٰ» ، هذه القربىٰ تلحظ من الخارج أنها دنوٌ واقتراب بين شيئين . . ليس توحّداً . . . وفي عملية الاقتراب لابد أن يكون الخط الواصل مستقيماً ؛ لأنه أقرب الخطوط بين نقطتين .
مناسك الحجّ ودائرة الحجّ الكبرىٰ تنطلق معها النيّة علىٰ مستويات عدّة
إن القربىٰ عالم لا يلجه إلا من مارس الخلوص المطلق في كل أعماله ، فهي ترفع الأداء في المناسك إلى الفضاء الإلهي الجاذب ، والذي يقوم بالتقرب هو العبد . . . تقرّب نحو المطلق . . . حيث اللّٰه الذي يكسو الوجود بوجوده الخلّاق فينفذ نوره إلى كل شيء من كيانات الوجود . . . إن هذا الحضور الإلهي يجب أن يقابله أو ينفعل به حضور ما . . حضور الحاج . . . ولما كان كل شيء لا يحقق الحضور . . .
تعين أن تكون القربىٰ مدخلاً لحضور الإنسان ، وكما يريد اللّٰه سبحانه الخالق الذي ليس كمثله أحد . . . لا يُوصف ولا يُحَدّ ، فيكون التقرّب بلحاظ لغة الإيماء والخلوص الذي يغلق على الجوارح الحاسّة والناطقة منافذ التعبير ، فعالم القربىٰ يتوسط الحضور الإلهي والحضور الإنساني وبفعله تتم مكاشفة البصائر لدى العبد . . . المكاشفة هذه تعتمد على التجرد الديني «إذا أردت الحجّ فجرِّد قلبك للّٰه تعالىٰ من كل شاغل ، ثم اغتسل بماء التوبةالخالصة من الذنوب ، ودَع الدنيا والراحة والخلق» 1 إن عالم القربىٰ هو الذي يختبر النية فيما تكون الأخيرة رأس كل عمل المناسك ، تختبر كل الأفعال . . ففي القربىٰ يكتشف الحاج ضعفه وحقارته ، بل