282مع التشريع وكلاهما مع الحاج . . . إذ يرى الحاجُّ مسلسلاً من طبائع الأشياء المتكورة المتصخرة وهي مسلحة للتو باللفتات التشريعية . . . بالكرامة بالروحيّة . . . بالوداعة . . . بالصمت الهادف . . . بالوجع اللذيذ . . . بالتذلل الكبريائي ، كأنها تريد أن تنطق . . تستفسر عن سرِّ هذه الركلات . . القبلات لكنها لم ولن تنطق ، لأن لها ميثاقاً مقدساً مع تكوينها الأصلي ، وفي الحج يكون الوفاء بهذا الرباط أوفىٰ . إنما يكون ويثير في نفس الحاج الانبهار والاندهاش والمفارقة ، ومعروف أن الدهشة لا زمن لها . فهل تبقى الدهشة في مسامات الحاج ووجدانه؟ وكيف يعالجها في مثل هذه المواقع؟ أم ماذا؟ 
  بلا شك لا يستطيع كاتب أن يكتب بعبقرية - إن أراد - عن الحج والمناسك ما لم يزر أو يحجّ!! حتىٰ يرى الدهشة التي تجتاحه عفواً . . . الدهشة والانبهار يشدّان الحاج ليس إلى الجمال كما هو معروف للوهلة الأولى . . إنهما يشدّاه نحو الجلال . . 
  جلال اللقطة المباشرة وهي تتسربل بملاءة التشريع . 
  وبضوء آخر ، إن هذا الانشداد يتطور فيكون الإنسان مأخوذاً فتذهب هذه الحالة وتداعياتها النفسية المفهوم العبادي المقصود . تُرىٰ مالذي يتوسط الحالتين؟ إنّها النيّة ولكن ليست بالذات . . . إنّها هي بملاحظة التركيب بين النيّة العامة والنية الخاصة . الكل يعرف أن واجبات عمرة التمتع سبعة هي : «نية الإحرام ، التلبية ، لبس ثوبي الإحرام ، الطواف ، ركعتان في مقام إبراهيم ، السعي بين الصفا والمروة والتقصير» ، وأن أفعال الحج ستة عشر ، ابتداءاً بنية الإحرام وانتهاءاً برمي الجمرات ، وكذلك العمرة المنفردة فهي كحج التمتع يضاف إليها طواف النساء وركعتيه لدىٰ أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام . 
  هذه الأفعال والواجبات تؤدىٰ على أنها مناسك «عبادات» يغلفها زمن واحد واتجاه زمني متصاعد أما الخط المكاني فتارة يستقيم وأخرىٰ يتدور وثالثة يتعرج ويلتوي . وإذن مالذي يجعل الخطين (الزمان والمكان) متوحدين في المناسك