278ومكابدة ، وتتواصل حلقات الفعل ، هكذا يكون الشعور النابع من الكيان الداخلي للإنسان أقوىٰ من المحفزات والمنبهات ، بل والشروط الخارجية ؛ لأن فعل هذه الشروط مؤقتاً ، وأنها ليس من صلاحيتها أن تبلغ بالعمل مستواه الإنجازي . . .
إنهالا تترسم الهدف والغاية . الشعور الباطني هو القادر على الانقداح المستمر وعلى دفع الجوارح نحو المعاناة والكفاح ، وإنتاج اللمسة الأخيرة من العمل . أي عمل يطرح قضية الإنجاز في خطواته الأولى فإنه هو المعني بالمشروع تتخلله خطة وتفعيلات هدفية وموقفية ويتحرك بضوء الظروف الموضوعية .
تأسيساً على هذا ، حرص الإسلام على تماسك الكيان الذاتي للإنسان ووضع السبل الكفيلة لانسجامه وعدم خدشه أو الضغط عليه ، وذلك من ملاحظة برامج التربية والتزكية وإحداث التمارين العملية التي تلبي وتشبع حاجاته المتماثلة مع طبيعته . إذ قدر المولىٰ - سبحانه - أن تكون شرائعه السماوية وخططها العملية بقدر ما يتوفر لحرية الشعور الداخلي من حركة وانطلاق ، وبقدر ممكنات القدرة على الإنجاز . فللعمل الواحد مستويان : الأول : من البداية إلى ما قبل الإنجاز ، والثاني :
الإنجاز ، وتبقىٰ لحظة التحويل المصيرية بين المستويين هي التي تعتمد على تركيب المستويين في سياق واحد ، العمل العبادي يحتوي الاثنين معاً ، ولكن لحظة التحويل التيتحدث انقلاباً في العمل وتطبعه بالإنجاز هي «النية» ، وعليه فإن كل جزء من العمل العبادي في الحجّ مثلاً يعتبر إنجازاً بلحاظ حركة النوايا وتجددها . . .
وتتجمع الإنجازات عن الانتهاء من العمل الشرعي العام ، إذّاك تنطلق الإنجازات في رحاب المجتمع .
لهذا ، فإن معظم حركات وانقلابات التاريخ الإنساني تتحكم فيها الطاقة الفاعلة التي تنطوي عليها البناء المعنوي للإنسان وسيّان كان الاتجاه إيجابياً أم سلبياً!! ولما كان البناء الداخلي للإنسان بهذا المقام الرفيع ، فإن اللّٰه - سبحانه - جعل العمل الصالح مشحوناً بقوة جزاء عظمىٰ توازي أضعاف المردود الخارجي للفعل ،